تشخص الأبصار في مثل
ذلك إلاّ الى الخليفة! أن كانت له قابليّة ما يدّعي من مقام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو يتسنّم أريكة الحكم!
والإمام زين
العابدين عليهالسلام بهذا الدعاء
، يثبت أنّه الأحقّ بالتصدي لذلك المقام ، وأنّه الملجأ الذي لابدّ أن يوسّط بين
الأرض والسماء.
هذا كله ، مع أنّ الامة لم تقف الى جانب
الإمام عليهالسلام ، ولم تراع
حرمته في النسب ، ولاحقّه في الإمامة ، بل خذلته ، حتى راح يقول : « ما بمكّة والمدينة
عشرون رجلا يحبّنا ».
وليس المراد
بذلك الحبّ مجرّد العواطف والدموع والمجاملات ، فهؤلاء أهل الكوفة كانوا من أحذق
الناس في ذرف دموع التماسيح على أهل البيت عليهمالسلام
بعنوان « الحب » حتى كان الإمام عليهالسلام
يستغيث من حبّهم له ، ذلك الحب المعلن ، المبطّن بالنفاق ، والذي انقلب على أبيه
الإمام الحسين عليهالسلام
سيفا أودى به!
فليس الحبّ المطلوب لآل الرسول ، والذي
دلّت على لزومه آية المودّة في القربى وأحاديث الرسول المصطفى ، هو الفارغ عن كلّ
حق لهم في الحكم والإدارة ، أو الفقه والتشريع وعن كلّ معاني الولاء العمليّ ،
والاقتداء والاتّباع وإن ادّعاه المحرّفون ، أو حرفوه الى مثل ذلك ، مكتفين لأهل
البيت باسم « الحب » [١].
لكن قضيّة الأمة الإسلامية ، واقتصاد
البلاد الإسلامية ، من القضايا المصيرية الكبرى ، التي لا توازيها الأضرار الصغيرة
ولا الأخطاء الخاصّة ، بل لابدّ من تجاوز كل الاعتبارات في سبيل إحياء تلك القضايا
الكبار.
(١) لقد تحدّثنا عن هذا
التحريف لمؤدّى الحب لأهل البيت عليهمالسلام والذي تعمّده الأعداء ظلما ، والتزمه العامة جهلا ، في كتابنا الحسين عليهالسلام سماته وسيرته ، الفقرة (١٣).