فلقد لقّنه الإمام عليهالسلام بقراءة الآية ، وهو يختبر معرفته
بمعناها وذكاءه ، فأعتقه مكافأة لذلك.
٤ ـ وكان عند الإمام عليهالسلام قوم ، فاستعجل خادم له شواءاً كان في
التنّور ، فأقبل به الخادم مسرعا ، وسقط السفود من يده على بنيّ للإمام عليهالسلام أسفل الدرجة ، فأصاب رأسه ، فقتله ،
فوثب الإمام عليهالسلام ، فلمّا رآه
، قال للغلام : إنك حرّ ، إنك لم تتعمّده وأخذ في جهاز ابنه [٢].
ولعملية
الإعتاق على يد الإمام عليهالسلام
صور مثيرة أحيانا ، تتجاوز الحسابات المتداولة :
ففي الحديث المتقدّم عن سعيد بن مرجانة
، وجدنا أن الإمام عليهالسلام
قد أعتق غلاما اسمه « مطرف » وجاء في ذيل الحديث ، أن عبدالله بن جعفر الطيّار كان
قد أعطى الإمام زين العابدين عليهالسلام
بهذا الغلام « ألف دينار » أو « عشرة آلاف درهم» [٣].
ففي إمكان الإمام عليهالسلام أن يبيع الغلام بهذا الثمن الغالي ،
ويعتق بالثمن مجموعة من الرقيق أكثر من واحد ، ولكن الإصرار على إعتاق هذا الغلام
بالخصوص ـ مع غلاء ثمنه ـ يحتوي على معنى أكبر من العتق :
فهو تطبيق لقوله تعالى : ( لَن تَنَالُواْ
الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ ) [ سورة آل عمران (٣) الآية : ٩٢ ].
وهو إيماء إلى أن الإنسان لا يعادل
بالأثمان ، مهما غلت وعلت أرقامها!
ولعلّ السبب الاساسي هو : أن غلاء ثمن
الغلام لا يكون إلاّ من أجل أدبه ، وذكائه ، وحنكته ، وقوّته ، وغير ذلك مما يجعله
فردا نافعا ، فإذا صار حرّا ، وهو
[١] تاريخ دمشق (
الحديث ١١٣ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٤٤ ).
[٢] تاريخ دمشق (
الحديث ١١٨ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٤٤ ).
[٣] تاريخ دمشق (
الحديث ٨٢ ) مختصر ابن منظور ( ١٧ : ٢٣٩ ).