بطولات جدّه عليّ
أمير المؤمنين عليهالسلام
وذكّراه بثارات جدّه الحسين عليهالسلام
، وزقّاه المجد والكرامة ، ولقّناه الإباء والحريّة [١].
واستلهم ـ هو
ـ من حياة أبيه وأخيه ، وسيرتهم الحميدة والأصيلة ، ونضالهم الصامت والناطق سنن
التضحية والفداء ، حتى جعل في مقدمة أهداف ثورته العظيمة : الطلب بثارات الحسين عليهالسلام في كربلاء [٢].
٢ ـ إنّ ثورة زيد بن علي عليهالسلام هي الثمرة اليانعة للجهود السياسية
التي بذلها الإمام زين العابدين ، طول فترة إمامته ، فهو الذي تمكّن بتخطيطه
الدقيق من استعادة القوى ، وتهيئة النفوس ، لمثل حركة ابنه الشهيد ، وإن صحّ
التعبير فهو الذي جيّش لابنه زيد ذلك الجيش المسلّح ، الذي فاجأ الظالمين ، وزعزع
ثقتهم بالحكم الظالم.
فلم يكن الجيش الذي كان مع زيد وليد
ساعته ، أو يومه ، أو شهره ، أو سنته ، مع تلك المقاومة الباسلة التي أبداها
أصحابه وأنصاره [٣].
٣ ـ ويكفي زيد بن علي عليهالسلام عظمة أنه ضحّى بنفسه في سبيل تعزيز
مواقع الأئمة الطاهرين من أهل البيت عليهمالسلام
، فقد كشف للأمويين الطغاة ، في فترة حساسة من تاريخ حكمهم ، أنّ أهل البيت عليهمالسلام لا يزالون موجودين في الساحة ، ولديهم
القدرة الكافية على التحرّك في أيّ موقع زمني ، وأي موضع من البلاد ، وهذا ما جعل
الأمويين يهابون الأئمة عليهمالسلام
ويعدّونهم المعارضين الأقوياء ، المدافعين عن هذا الدين ، برغم جسامة التضحيات
التي كانوا يقدّمونها ، وأبان الشهيد زيد لكلّ الظالمين أنّ أهل اليت عليهمالسلام لا يسكتون عمّن يعتدي على كرامة
الإسلام ، مهما كلّف الثمن.
وبهذا يفسّر
قوله لابن أخيه الصادق جعفر بن محمد ـ لما أراد الخروج الى الكوفة ـ : أو ما علمت
يابن أخي أن قائمنا لقاعدنا ، وقاعدنا لقائمنا ، فإذا خرجت أنا وأنت ، فمن يخلفنا
في حرمنا؟ [٤]
[١] تعلم زيد على
ابيه وعلى أخيه الباقر عليهماالسلام
انظر : طبقات ابن سعد ( ٥ : ٢٤٠ ) وتاريخ ابن عساكر ( تهذيب بدران ) ( ٦ : ١٩ )
وانظر : ثورة الحسين لناجى حسن ( ص ٢٨ و ٣٢ ).
[٢] الإرشاد للمفيد
(٢٦٨) وانظر الفرق بين الفرق ، للبغدادي (ص ٣٥).