فقال هشام : ( اللّهُ أَعْلَمُ
حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ )
[ سورة الانعام (٦) الآية (١٢٤) ] [١].
وبهذا ، تمكّن
الإمام من جذب قلوب الناس ، حتى الدّ الأعداء ، فكان سببا لانفتاح الجميع على أهل
البيت عليهمالسلام ومذهبهم ،
بعد ان انغلقوا عنهم ، واعتزلوهم بعد وقعة كربلاء.
ولقد ظهرت
ثمرة تلك الأخلاق والجهود ، في يوم وفاة الإمام عليهالسلام
، فقد خرج الناس كلّهم ، فلم يبق رجل ولا امرأة إلاّ خرج لجنازته بالبكاء والعويل
، وكان كيوم مات فيه رسول الله [٢].
وكان من أطيب ثمرات هذه الجهود أن مهّدت
الأرضيّة للإمام محمد بن علي ، الباقر عليهالسلام
كي يتسنّم مقام الإمامة بعد أبيه زين العابدين ، ويقوم بتعليم الناس معالم دينهم ،
وتتكوّن المدرسة الفقهيّة الشيعيّة على أوسع مدى وأكمل شكل وأتقنه.
ومن أبرز الجهود التي بذلها الإمام زين
العابدين عليهالسلام في تحرّكه
القياديّ هو ما قام به من جمع صفوف المؤمنين ، والتركيز على تربيتهم روحيّا ،
وتعليمهم الإسلام ، وإطلاعهم على أنقى المصادر الموثوقة للفكر الإسلامي ، ومن خلال
روافده الثرّة الغنيّة ، بهدف وصل الحلقات ، كي لا تنقطع سلسلة عقد الإيمان ، ولا
تنفرط اُسس العقيدة.
وبهدف تحصين العقول والنفوس من
الانحرافات التي يثيرها علماء السوء الذين كانوا يبعدون الناس عن الإسلام الحقّ ،
ويكدّرون ينابيعه وروافده بالشبه والأباطيل.
وتعدّ هذه البادرة من أهم معالم الحركة
عند الإمام زين العابدين ، وأعمقها أثرا وخلودا في مقاومة الدولة الحاكمة ، التي
استهدفت كل معالم الإسلام ، بغرض القضاء عليه ، وإبادته ، والعودة بالأمة الى
الجاهلية الأولى بوثنيّتها ، وفسادها ، وجهلها.
[١] تاريخ دمشق
الحديث (١١١) ومختصره لابن منظور ( ١٧ : ٢٤٣ ) وانظر صورا أخرى للقصة في بحار
الأنوار ( ٤٦ : ٩٤ و ١٦٧ ) وشرح الأخبار ، للقاضي ( ٣ : ٢٦٠ ) وكشف الغمة ( ٢ :
١٠٠ ) وتاريخ الطبري ( ٥ : ٢١٦ ) وتاريخ اليعقوبي ( ٢ : ٢٨٠ و ٢٨٣ ).