إن من أهمّ أهداف الرجال الإلهيين إصلاح
المجتمع البشريّ ، بتربيته على التعاليم الإلهية ، ولابدّ للمصلح أن يمرّ بمراحل
من العمل الجادّ والمضني في هذا الطريق الشائك :
١ ـ أن يربّي جيلا من المؤمنين على
التعاليم الحقّة التي جاء بها ، والأخلاق القيّمة التي تخلّق بها ، لكي يكونوا له
أعوانا على الخير.
٢ ـ أن يدخل المجتمع بكلّ ثقله ، ويحضر
بين الناس ، ويواجه الظالمين والطغاة بتعاليمه ، ويبلّغهم رسالات الله.
٣ ـ أن يقاوم الفساد ، الذي يبثّه
الظالمون في المجتمع ، بهدف تفكيكه وشلّ قواه ، وتفريغه من المعنويات ، وإبعاده عن
فطرته السليمة المعتمدة على الحقّ والخير والجمال ، لئلاّ يصنعو منه آلة طيّعة
تستخدم حسب رغباتهم وطوع إرادتهم.
وقد كان
للإمام زين العابدين نشاط واسع في كلّ هذه المجالات ، حتى عدّ ـ بحقّ وجدارة ـ في
صدر المصلحين الإلهيّين ، بالرغم من تميّز عصره بتحكّم طغاة بني اُمية على الأمة ،
وعلى مقدّراتها وباسم الخلافة الإسلامية ، التي تقتل من يعارضها وتهدر دمه بعنوان
الخروج على الإسلام.
إنّ مقاومة الإمام زين العابدين عليهالسلام في مثل هذا الظرف ، بل وتمرير خططه ،
وإنجاح مهمّاته وأهدافه ، مع قلّة الأعوان والأنصار ، يعدّ معجزة سياسية تحقّقت
على يد هذا الإمام العظيم ، الذي سار على خطى جدّه الرسول الأعظم ، في خلقه
العظيم.
وقد عقدنا هذا
الفصل الثالث للوقوف على أوجه نشاطه العملي في تلك المجالات الاجتماعية :