عقار و غيره فباعه و ارتحل عنها، و قال: بلد يطاف فيه بعيال
رسول اللّه و نسائه، و ترفع رءوس رجالهم على رءوس الرماح لا يفلح أبدا، فما عسى أن
يقال في بلدة خذل أهلها الوصيّ المرتضى، و نافقوا سبط خاتم الأنبياء، و راموا
قتله، و انتهبوا ثقله، و نكثوا بيعته، ثمّ كانت واقعة سيّد الشهداء، و قرّة عين
سيّدة النساء، و خامس أصحاب الكساء، كاتبوه و وعدوه النصر على عدوّه، فجرّدوا عليه
سيوفهم و عواملهم، و قتلوه عطشانا، و سبوا ذراريه و نساءه، ليس منهم رجل رشيد ينكر
فعلهم، بل ضربت عليهم الذلّة و شملهم خزي الدنيا (وَ لَعَذابُ
الْآخِرَةِ أَخْزى وَ هُمْ لا يُنْصَرُونَ)[1]؟
فلهذا منعهم اللّه لطفه،
و أحلّ بهم غضبه، و سلّط عليهم غلام ثقيف الّذي توعّدهم به أمير المؤمنين، و زياد
بن اميّة، و غيرهم، من الخارجين في الاسلام حتى صارت براحا كأن لم تغن بالأمس[2].
[في كثرة من مات في
سجن الحجّاج، و سيرته مع أهل العراق]
روي أنّه مات في سجن الحجّاج
مائة و عشرون ألف من غير قتل[3]، و كان
سجنه ليس له سقف يضلّ من حرّ أو قرّ، و كان عليه لعنة اللّه لا يرفع عنهم سيفه و
لا سوطه، و كان لا يخاطبهم إلّا بالتهديد و الوعيد و يقول: يا أهل العراق، يا أهل
الشقاق و النفاق و مساوئ الأخلاق، إنّه قد ضاع سوطي فأقمت مقامه السيف، و اللّه
لألحونّكم لحو العصا[4]، و
لأضربنّكم ضرب غرائب الإبل، و لمّا تجهّز عليه اللعنة إلى حرب الأزارقة قال: و
اللّه لا أرى أحدا منكم بعد ثلاث إلّا