ظهر لأفكارنا بآثار صنعته، و احتجب عن أبصارنا بكبريائه و
عظمته، و فرض علينا بعد الاقرار بأنّه الواحد الأحد المبتدع المخترع، و عرفان ما
يصحّ على ذاته الشريفة و يمتنع، و تعاليه عمّا لا يليق بجلاله من تعارض خلقه، و
الاذعان بالتسليم لأمره و قضاء حقّه، سلوك سبيل من أقامهم هداة إليه، و إدلاء في
مفاوز الضلالة عليه، و التسليم لأمرهم، و التنويه بذكرهم، و الاخلاص بشكرهم، و
الاتّضاع لقدرهم، و الاغتراف من بحر علمهم، و الاعتراف بصواب حكمهم، و أن لا يقدّم
عليهم من سجد لصنم، أو استقسم بزلم، أو بحر بحيرة، أو عتر عتيرة، قد نمته الخبيثون
و الخبيثات، و حاق به دناءة الآباء و عهر الامّهات.
و نعتقده انّه سبحانه
قرن حبّهم بحبّه، و جعل حربهم كحربه، و سلمهم كسلمه، و علمهم من علمه، فهم اولوا
الأمر الّذين قرن طاعتهم بطاعته، و هداة الخلق إلى ما اختلفوا فيه من فرض دينهم و
سنّ حسدهم من لعنه اللّه و غضب عليه، و أعدّ له خزيه يوم يقوم الناس لديه.
أغرى الشيطان بهم سفهاءه،
و أعلى عليهم أولياءه، و زيّن للناس اتّباعهم، و جعلهم أشياعهم و أتباعهم، و سمّى
رأس الكذبة صدّيقهم، و أساس الظلمة فاروقهم، و خائن الامّة وليّ أمرهم، و أجهل
الامّة كاتب و حيهم، و ولّوا الناس بغرورهم، و حرّفوا كتاب اللّه بزورهم، و أخلفوا
عهد الرسول و نبذوا ميثاقه المأخوذ عليهم، و جرّدوا عليهم سيوفهم و عواملهم، و
فوّقوا نحوهم سهامهم و معابلهم.
ثمّ تفكّر في حال الرجس
اللئيم، و الدنس الأثيم، ابن آكلة الأكباد، و نتيجة الآثمة الأوغاد، و ما أظهر من
الكفر و الالحاد، و البغي و العناد، و ليس ذلك ببدع من قبيح فعله، و زنيم أصله،
فهو من قوم طوّقهم اللّه بطوق لعنته في