و من عجيب أمره صلوات اللّه عليه في هذا الباب أنّه لا شيء
من العلوم إلّا و أهله يجعلون عليّا قدوة فيه، فصار قوله قبلة في الشريعة[1].
[أنّ أمير المؤمنين
عليّ عليه السلام جمع القرآن]
أبو نعيم في الحلية[2]، و الخطيب
في الأربعين: بالإسناد عن السدّي، عن عبد خير[3]، عن علي عليه السلام،
قال: لمّا قبض رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله أقسمت- أو حلفت- أن لا أضع ردائي
عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين، فما وضعت ردائي حتى جمعت القرآن[4].
و في أخبار أهل البيت
عليهم السلام أنّه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلّا للصلاة حتى يؤلّف القرآن و
يجمعه، فانقطع عنهم مدّة إلى أن جمعه، فخرج إليهم به في إزار يحمله و هم مجتمعون
في المسجد، فأنكروا مصيره بعد انقطاعه[5]،
فقالوا: لأمر ما جاء أبو الحسن[6]، فلمّا
توسّطهم وضع الكتاب بينهم، ثمّ قال: إنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال:
إنّي مخلّف فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلّوا؛ كتاب اللّه و عترتي أهل بيتي، و هذا
كتاب اللّه و أنا العترة.
فقام إليه الثاني، فقال:
إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله، فلا حاجة لنا فيكما، فحمل صلوات اللّه عليه الكتاب
و عاد به بعد أن ألزمهم الحجّة[7].
و عن الصادق عليه السلام
أنّه حمله و ولّى راجعا و هو يقول: (فَنَبَذُوهُ)
[1] مناقب ابن شهرآشوب: 2/ 40، عنه البحار: 40/
154، و ج 92/ 51 ح 18.