فقال لهم مرّة بعد مرّة،
فلم يجبه أحد من الصحابة، فقام أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه، فقال: أنا- يا
رسول اللّه- اصلّي ركعتين اكبّر التكبيرة الاولى و إلى أن اسلّم منهما، لا احدّث
نفسي بشيء من أمر الدنيا.
فقال: يا عليّ، صلّ صلّى
اللّه عليك، فكبّر أمير المؤمنين و دخل في الصلاة، فلمّا سلّم من الركعتين هبط
جبرئيل، و قال: يا رسول اللّه، إنّ اللّه يقرئك السلام، و يقول: أعط عليّا إحدى
الناقتين.
فقال رسول اللّه صلّى
اللّه عليه و آله: إنّي شارطته أن يصلّي ركعتين لا يحدّث [فيهما][1] نفسه بشيء
من الدنيا، و إنّه جلس في التشهّد فتفكّر في نفسه أيّهما يأخذ.
فقال جبرائيل: إنّ اللّه
يقرئك السلام، و يقول لك: إنّه تفكّر أيّهما يأخذ، أسمنهما و أعظمهما فينحرها و
يتصدّق بها لوجه اللّه، فكان تفكّره للّه عزّ و جلّ لا لنفسه [و لا للدنيا][2]، فبكى رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله و أعطاه كلتيهما، و أنزل اللّه فيه: (إِنَّ فِي
ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَ هُوَ شَهِيدٌ)[3] أي يستمع أمير
المؤمنين باذنيه إلى ما تلاه بلسانه من كلام اللّه، لا يتفكّر[4] بشيء من أمر الدنيا،
بمعنى أنّه حاضر القلب في صلاته للّه[5].