بسم اللّه الرحمن
الرحيم الحمد للّه الذي جعل مصائب دار الغرور مصروفة إلى وجوه أوليائه، و نوائب
بطشها المشهور موقوفة على جهة أصفيائه، و وعدهم على الصبر الجميل بالثواب الجزيل
في دار جزائه، و أراهم فضل درجة الشهادة في منازل دار السعادة الباقية ببقائه،
فبذلوا أرواحهم لينالوا الزلفى من رحمته، و باعوا أنفسهم من اللّه بنعيم جنّته، و
تلقّوا حدود الصّفاح[1] بشرائف
وجوههم، و قابلوا رءوس صدور الرماح بكرائم صدورهم، فكوّرتهم و قد أظلم ليل نقع[2] الحرب، و
بلغت القلوب الحناجر لوقع الطعن و الضرب، و كفر القتام[3] شمس النهار بركامه، و غمر الظلام فجاج
الأقطار بغمامه، و خشعت الأصوات لوقع الصرام على هامات الرجال، و أشرقت الأرض بما
سال عليها من شابيب الجريال[4]، فلم تر إلّا
رءوسا تقطف، و نفوسا تختطف، و أبطالا قد صبغت