سلمة عليّا عليه السلام فناجاه طويلا[1]. حتى إذا اشتدّ كربه، و ارتفع أنينه،
و عرق لهول الموت جبينه نادى لشدّة السياق: وا كرباه.
فنادت فاطمة: وا كرباه
لكربك يا أبتاه.
فأجابها مسكّنا لحرقتها
بين القوم: لا كرب على أبيك بعد اليوم[2].
ثمّ سالت نفسه الشريفة
صلّى اللّه عليه و آله مختارا، فسالت لها العيون من شئونها مدرارا، و انقطع بموته
الوحي و التنزيل، و امتنع من الأرض جبرئيل، و أظلمت المدينة بعد نورها و ضيائها، و
ارتفع الضجيج من قصورها و أرحابها[3].
و روي أنّه صلّى اللّه
عليه و آله لمّا دنا منه الأجل المحتوم جذب عليّا إليه، و غشّاه بثوبه الّذي عليه،
و وضع فاه على فيه، و جعل يناجيه.
فلمّا حضره الموت و قضى
صلّى اللّه عليه و آله استلّ أمير المؤمنين عليه السلام من تحت الثوب، و تركه على
رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله؛ فقيل لأمير المؤمنين: ما الّذي ناجاك به رسول
اللّه صلّى اللّه عليه و آله؟
فقال: علّمني ألف باب من
العلم، ينتج كلّ باب إلى ألف باب[4]، و أوصاني
بما أنا به قائم إن شاء اللّه.
و من طريق أهل البيت
عليهم السلام أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جذب عليّا تحت ثوبه، و جعل
يناجيه، فلمّا حضره الموت قال: يا عليّ، ضع
[1] مناقب ابن شهرآشوب: 1/ 236- 237، عنه البحار: 22/
521 ح 29.