عجّه و ثجّه[1]، ناداه
اللّه بلسان التشريف مبيّنا فضله من لدنه و مكانته: (يا أَيُّهَا
الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَ إِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما
بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ)[2].
فأراد صلّى اللّه عليه و
آله تأخير بلاغها إلى دار هجرته، و مستقرّ دعوته، ظنّا منه أنّها فريضة موسعة، و
أنّ الأمر فيه مندوحة وسعة، و فرقا من فرق الضالّين المضلّين، الزالّين المزلّين،
أن يكذّبوا بالكتاب و حججه و بيّناته، و أن يتّهموا الرسول فيما انزل عليه في
وصيّه بمحاباته.
فعاتبه سبحانه على ترك
الاولى مهدّدا، و وعده العصمة على من لجّ في الباطل و اعتدى، و شرّف اللّه غدير
خمّ بما أنزل فيه من الرحمة، و أتمّ من النعمة.
فقام صلّى اللّه عليه و
آله فيه خاطبا على منبر الكرامة، موضحا فضل درجة الامامة، هذا و الجليل سبحانه
يسدّده، و روح القدس عن يمينه يمجّده، و ميكائيل عن يساره يعضده، و جبرئيل معظم
شأنه و خطبه، و حملة العرش مادّة أعناقها لاستماع الخطبة، و الروحانيّون وقوف على
قدم الخدمة، و الكروبيّون صفوف لتلقّي نفحات الرحمة، و الحور العين من القصور على
الأرائك ينظرون، و الولدان المخلّدون لنثار السرور منتظرون، آخذا بعضد من كان في
المباهلة معاضده و مساعده، و في المصاولة عضده و ساعده.
سيفه القاطع، و نوره
الساطع، و صدّيقه الصادق، و لسانه الناطق، أخوه و ابن عمّه، و الخصّيص به كابن
امّه، ليث الشرى[3]، غيث الورى،
أسد اللّه
[1] في الحديث: أفضل الحجّ العجّ و الثجّ، العجّ:
رفع الصوت بالتلبية، و الثجّ: صبّ الدم، و سيلان دماء الهدي، يعني الذبح.« لسان
العرب: 2/ 318- عجج-».