المصطفى، و قاضي دينه، و منجز عداته، و قاضي دينه، طال بقوادم
الشرف لمّا على بقدمه على الكتف.
ناداه البيت الحرام
بلسان الحال، و ناجاه الركن و المقام بمعاني المقال: يا صاحب النفس القدسيّة، و يا
منبع الأسرار الخفيّة، و يا مطلع الأنوار الإلهيّة، و يا دفتر العلوم الربّانيّة،
أ ما ترى ما حلّ بي من الأرجاس؟ أ ما تنظر ما اكتنفني من الأدناس؟ الأنصاب حولي
منصوبة، و الأزلام في عراصي مضروبة، و الأصنام مرفوعة على عرشي، و الأوثان محدّقة
بفرشي، تنضح بالدماء جدراني، و تستلم الأشقياء أركاني، و يعبد الشيطان في ساحتي، و
يسجد لغير الرحمن حول بنيّتي.
فالغوث الغوث يا صاحب
الشدّة و القوّة، و العون العون يا ربّ النجدة و الفتوة، خذ بمجامع الشرف بخلاصي و
استنقاذي، و فز بالمعلّى من سهامه فيك معاذي و ملاذي.
و لمّا شاهد ربّ الرسالة
العامّة تضرّعها بوصيّه، و عاين صاحب الدعوة التامّة تشفّعها بوليّه، ناداه بلسان
الاخلاص في طاعة معبوده، و أنهضه بيد القوّة القاهرة لاستيفاء حدوده، و فتح له إلى
سبيل طاعة ربّه منهاجا، و جعل كتفه الشريفة بأمر ذي المعارج لأخمصه[1] معراجا، و
أمره بتسنّم[2] ذروة بيت
ربّه، و تنزيهه عن الرجس من الأوثان بقالبه و قلبه، و تكسير صحيح جمعها بيد سطوته،
و إلقاء هبلها عن ظهره بشدّة عزمته.
[فتح مكّة]
روي بحذف الاسناد عن
جابر بن عبد اللّه الأنصاري، قال: دخلنا مكّة
[1] الأخمص: باطن القدم و ما رقّ من أسفلها و
تجافى عن الأرض؛ و قيل: الأخمص خصر القدم.« لسان العرب: 7/ 30- خمص-».