الأحاديث ليشوّشوا على ضعفاء المؤمنين، و كانوا كلّما ألقوا
إلى المسلمين ما بيّنوه من الإفك و الإرجاف أمرهم أمير المؤمنين بالصبر، و أعلمهم
أنّ ذلك لا حقيقة له، إلى أن رجع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله مؤيّدا منصورا
قد خضعت له رقاب المشركين، و التزموا الشرائط شرطها عليهم صلّى اللّه عليه و آله.
و كفى أمير المؤمنين
فخرا و دلالة على فضله و تقديمه ما صدر منه في بدر و احد و خيبر و الخندق، فإنّ
القتلى كانت سبعين، قتل صلوات اللّه عليه بيده الشريفة ثمانية و عشرين، و قيل: ستّة
و ثلاثين، و قتلت الملائكة و الناس تمام العدد.
[موعظة جليلة]
فرّغ نفسك أيّها المؤمن
متفكّرا بعين بصيرتك، و أيقظ قلبك أيّها المخلص ناظرا بعين باصرتك، أ ما كان اللّه
سبحانه قادرا على صبّ سوط عذابه[1] على من آذى
نبيّه؟ أ ما كان جلّ جلاله عالما عن نصب حبائل غوائله، و ناجر وليّه؟
أ ما كان في شدّة بطشه
قوّة تزيل جبال تهامة عن مراكزها، و تنسفها نسفا[2]؟ أ ما كان في عموم سلطانه قدرة أن
يخسف الأرض بأهلها، أو يسقط السماء عليهم كسفا[3]،
لما ارتكبوا من خلاف نبيّهم ما ارتكبوا، و احتقبوا من كبائر الذنوب ما احتقبوا، و
اتّخذوا الأصنام آلهة من دون مبدعهم و خالقهم، و استقسموا بالأزلام عتوّا على
مالكهم و رازقهم، و جعلوا له البنات و لهم البنين بجائر قسمتهم،