عجّلت عقوبته، و إذا افتقر أو أصابته خصاصة قال: مرحبا بشعار
الصالحين[1][2].
فكذلك الأنبياء و
الأولياء يسرّهم ما ينزل بهم من البلاء، و يفرحون بما امتحنوا به من الابتلاء،
راحة أرواحهم فيما فيه رضى خالقهم، و لذّة أنفسهم فيما يمتحنهم اللّه به في
أموالهم و أجسادهم، و ما يختاره من فيض ثمرات قلوبهم و أحفادهم، فلا يغرّنّكم
الشيطان بغروره، و لا يفتننّكم مروره فيلقي في روعكم، و يوسوس في صدوركم.
إنّ ما أصاب من كان
قبلكم من الأنبياء و المرسلين، و الأولياء و الصالحين، في الدار الفانية و الحياة
البالية، من جاهد البلاء و شدّة اللأواء، و الامتحان بجهاد الأعداء، هوانا بهم على
خالقهم، و هظما لهم لدى بارئهم، بل أنزل بهم البأساء و الضرّاء، و وجّه إليهم محن
دار الفناء، من سقم الأجساد، و تحمّل الأذى من أهل الجحود و العناد، فتحمّلوا
المشاقّ في ذاته من أداء الفرائض و النوافل، و صبروا على جهاد أعدائه من أهل الزيغ
و الباطل، يسوقون العباد بسوط وعظهم إلى غفران ربّهم، و يجذبون النفوس بصوت لفظهم
إلى منازل قربهم، لا توحشهم مخالفة من خالفهم، و لا يرهبهم عناد من عاندهم، بل
يصدعون بالحقّ، و يقرعون بالصدق، و يوضحون الحجّة، و يهدون إلى المحجّة، لا يزيدهم
قلّة الأنصار إلّا تصميما في عزائمهم، و لا يكسبهم تظافر الأشرار إلّا شدّة
لشكائمهم، ليس في قلوبهم جليل إلّا جلاله، و لا في أعينهم جميل إلّا