لقد أعلن الإمام رفضه لبيعة يزيد في بيت
الامارة ورواق السلطة ، وهو غير حافل بالحكم القائم ، فقد وطّن نفسه على التضحية
والفداء لينقذ المسلمين من حكم إرهابي عنيف يستهدف إذلالهم ، وإرغامهم على ما
يكرهون.
لقد كان أبو الأحرار عالماً بفسق يزيد
وفجوره ومروقه من الدين ، ولو أقرّ لحكومته لساق المسلمين إلى الذلّ والعبودية ، وعصف
بالعقيدة الإسلامية في متاهات سحيقة من مجاهل هذه الحياة ، ولكنّه سلام الله عليه
صمد في وجه الاعاصير هازئاً من الحياة ، ساخراً من الموت ، فبنى للمسلمين عزّاً
شامخاً ، ومجداً رفعياً ، ورفع كلمة الإسلام عالية في الأرض.
إلى مكّة المكرّمة :
وصمّم أبو الأحرار على مغادرة يثرب ، والتوجه
إلى مكّة المكرّمة ليتّخذ منها مقرّاً لبثّ دعوته ، ونشر أهداف ثورته ، ويدعو
المسلمين إلى الانتفاضة على الحكم الأموي الذي يمثّل الجاهلية بجميع أبعادها
الشريرة ، وقبل أن يتوجّه إلى مكّة خفّ إلى قبر جدّه صلىاللهعليهوآله
وهو حزين قد أحاطت به الأزمات فشكى إليه ما ألمّ به من المحن والبلوى ، ثم توجّه
إلى قبر سيّدة النساء أمّه الزكيّة فألقى عليها نظرات الوداع الأخير ، وزار بعد
ذلك قبر أخيه الزكيّ أبي محمد عليهالسلام
ثم توجّه مع جميع أفراد عائلته إلى مكّة التي هي