لم يلبث المتوكل بعد هذا الدعاء سوى
ثلاثة أيام حتى أهلكه الله تعالى وجعله عبرةً لكلّ من طغى وتجبّر ، على يد ابنه
المنتصر وخمسة من القادة الترك.
فقد كان المتوكل بايع بولاية العهد
لابنه المنتصر ثم المعتز ثم المؤيد ، ثمّ انه أراد تقديم المعتز لمحبته لاُمه
قبيحة ، فسأل المنتصر أن ينزل عن العهد فأبى فكان يحضره مجلس العامة ويحطّ من
منزلته ويهدده ويشتمه ويتوعده ، واتفق أن انحرف الترك عن المتوكل لاُمور ، فاتفق
الأتراك مع المنتصر على قتل أبيه ، فدخل عليه خمسة في جوف الليل وهو سكران ثمل في
مجلس لهوه ، فقتلوه هو ووزيره الفتح بن خاقان ، وذلك لاربع خلون من شوال سنة ٢٤٧ ه.
وذكر المحدثون والمؤرخون أسباباً أخرى
دفعت المنتصر إلى قتل أبيه تدلّ على انتصاره لأهل البيت عليهمالسلام ، ومنها ما رواه الشيخ الطوسي عن ابن
خشيش عن أبي الفضل ، قال : « إن المنتصر سمع أباه يشتم فاطمة عليهاالسلام فسأل رجلاً من الناس عن ذلك ، فقال له
: قد وجب عليه القتل ، إلا أنه من قتل أباه لم يطل له عمر. فقال : ما إذا أطعت
الله بقتله أن لا يطول لي عمر ، فقتله وعاش بعده سبعة أشهر » [٢].
[١] مهج الدعوات : ٣٣٠
ـ ٣٣٧ ، بحار الأنوار ٩٥ : ٢٣٤ ـ ٢٤٠ / ٣٠.