قال عمرو بن العاص: لا،
ما لنا في أعناقهم دماء و لا نطالبهم بذحول.
قال: فما تريدون منّا؟
قال عمرو: خالفونا في
ديننا و دين آبائنا، و سبّوا آلهتنا، و أفسدوا شبّاننا، و فرّقوا جماعتنا، فردّهم
إلينا ليجتمع أمرنا.
فقال جعفر: أيّها الملك
خالفناهم لنبيّ بعثه اللّه فينا، أمرنا بخلع الأنداد، و ترك الاستقسام بالأزلام، و
أمرنا بالصلاة و الزكاة، و حرّم الظلم و الجور و سفك الدماء بغير حلّها، و الزنا و
الربا و الميتة و الدم، و أمر بالعدل و الإحسان و إيتاء ذي القربى، و ينهى عن
الفحشاء و المنكر و البغي.
فقال النجاشي: بهذا بعث
اللّه عيسى بن مريم، ثمّ قال النجاشي:
يا جعفر أتحفظ ممّا أنزل
اللّه على نبيّك شيئا.
قال: نعم.
قال: اقرأ.
فقرأ عليه سورة مريم
عليها السلام فلمّا بلغ إلى قوله: وَ هُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ
تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا* فَكُلِي وَ اشْرَبِي وَ قَرِّي عَيْناً[2] بكى النجاشي و
قال: إنّ هذا هو الحقّ.
فقال عمرو: أيّها الملك
إنّ هذا ترك ديننا فردّه علينا حتّى نردّه إلى بلادنا، فرفع النجاشي يده فضرب بها
وجهه، ثمّ قال: لئن ذكرته بسوء
[1] الذحول: جمع ذحل، و هو الحقد و العداوة، يقال:
طلب بذحله، أي بثأره« الصحاح- ذحل- 4: 1701».