نام کتاب : نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة نویسنده : الصّغير، محمد حسين علي جلد : 1 صفحه : 60
أ
ـ الكلمتان « يذهب » و « يمكث » في قوله
تعالى :
( فأما الزبد فيذهب
جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض ... )[١]
لا يراد بهما مجرد الذهاب أو الاستقرار والإقامة فحسب ، وهو المتناول اللغوي من
ظاهر الكلمتين بل فيهما إشارة بالكناية توحي : بأن الأشرار قد يظهرون على الأبرار
، وأن الأخيار قد يلفهم التيار ، ولكن هذا لا يعني تلاشي الحق وضياع الواقع ، إذ
لا بد للحقيقة أن تتزين بأبهى حللها ولو بعد حين ، وإذا بالمعدن الأصيل ثابت شامخ
، وإذا بالأوضار منفية ذائبة ، وإذا بالأول « يمكث » في الأرض رسوخاً ، وإذا
بالثاني « يذهب » غائراً في خضم الأحداث.
ب
ـ الكلمة « أشداء » في قوله تعالى :
( أشداء على الكفار ... )[٢]
تحمل إلى الذهن كل معاني الغلظة والثبات والمجاهدة وتوحي بأبعاد الصبر واليقظة
والحذر ، لا الشدة في مقابل الضعف فحسب ، بل تذهب إلى أكثر من هذا فتشير إيحائياً
ـ لتحرك النفوس وتهز الضمائر ـ إلى التفاني في ذات الله ، وإلى التشدد بأحكام الله
، وإلى التنفيذ لأوامر الله ، فلا لومة لائم ، ولا غضب عاتب.
جـ
ـ والكلمة « القانتين » في قوله تعالى :
( وكانت من القانتين )[٣]
استفاد منها الزركشي ( ت ٧٩٤ هـ ) دلالة إيحائية برفع مستوى مريم فيها إلى مصاف
الرجال ممن وصفوا بالجد والصبر والمثابرة على أسمى مراتب العبادة « أذاناً بأن
وضعها في العباد جداً واجتهاداً ، وعلماً وتبصراً ، ورفعة من الله لدرجتها في
أوصاف الرجال القانتين وطريقهم » [٤].
والمستفاد هنا لا وصفها بالعبادة فحسب ،
بل رفع درجتها إلى مصاف الرجال الموصوفين بذلك إشارة لتمخضها في العبادة.