نام کتاب : نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة نویسنده : الصّغير، محمد حسين علي جلد : 1 صفحه : 37
وعبر بما احتوى من
مادة ولم يكن هيكلاً فارغاً عقيم الاصداء ، وإنما استقام سوياً متكاملاً بهذه
العلاقة واللحمة الطبيعية بينه وبين المضمون فعاد متجاوب الأجراس.
وامر آخر يقرب من الموضوع ويتابع من
خطوه ، هو أن الإيقاع الموسيقي والميزان العروضي ، ليسا من المعاني والألفاظ في
شيء فهما خارجان عن هاتين الحقيقتين ، ولكنهما متداخلان معهما ، وملازمان لهما ،
ولا ينعدمان في الدلالة على الصورة في القصيدة ، وإن كانا شيئاً والقصيدة في محتواها
شيئاً آخر.
والحق أن إدراك هذه العلاقة بين اللفظ
والمعنى ، واعتبارهما وحدة متجانسة في دلالتها على الصورة ، يمكن اعتباره امتداداً
منطقياً لجزء مهم من رأى الفريق الرابع من فرقاء المعركة.
٤ ـ الفريق الرابع : وهذا
الفريق يتمثل في عبد القاهر الجرجاني ( ت ٤٧١ هـ ) في كتابيه « دلائل الإعجاز » و
« أسرار البلاغة » فقد هذب عبد القاهر من المفاهيم المرتجلة لدلالة الألفاظ
والمعارف وأقامها على أصل لغوي وعلمي رصين ، وأدرك مسبقاً سر العلاقة القائمة بين
اللفظ والمعنى ، ورفض القول بإيثار أحدهما على الآخر ، واعتبرهما بما لهما من
مميزات وخصائص واسطة تكشف عن الصورة ، فقال بالنظم تارة ، وبالتأليف تارة أخرى ،
مما لم يوفق إليه الفرقاء في النزاع ، والملاحظة عنده أن النظم عبارة عن العلاقة
بين الالفاظ والمعاني ، وأنها تناسقت دلالتها وتلاقت معانيها على الوجه الذي
اقتضاه العقل [١].
وقد يخيل للبعض أن عبد القاهر من أنصار
المعنى دون اللفظ نظراً لتهجمه على القائلين بأولوية اللفظ ، وليست الألفاظ عنده «
إلا خدم المعاني » [٢]
، ولكن عبد القاهر يشن هذه الحملات ، ويصول ويجول في قلمه وما يضربه من أمثلة
وشواهد ، وما يقرره من قواعد ، لا انتصاراً للمعنى ، وإنما هو تفنيد لآراء القوم
وتدليل على مفهوم الصورة عنده