نام کتاب : نظريّة النقد العربي رؤية قرآنيّة معاصرة نویسنده : الصّغير، محمد حسين علي جلد : 1 صفحه : 28
١ ـ الفريق الأول : ما من شك أن
الجاحظ ( ت ٢٥٥ هـ ) هو أول من ألقح شرارة هذه المعركة ، تعلقاً منه بمذهب الصيغة
، وتعصباً للفظ ، ومشايعة للصياغة سواء فيما رآه وقرره ، أو بما نقله وأقحمه من
آراء العلماء والأدباء والنقاد ، وهو في كل ذلك يضع الأناقة والجودة والجمال في
الألفاظ ، فالمقياس عنده للقيمة الأدبية إنما يتقوم في جزالة اللفظ ، وجودة السبك
، وحسن التركيب لأن « المعاني مطروحة في الطريق يعرفها العجمي والقروي ، والبدوي
والقروي ، إنما الشأن في إقامة الوزن ، وتخير اللفظ ، وسهولة المخرج ، وفي صحة
الطبع وجودة السبك » [١].
وتبعه على هذا الرأي أبو هلال العسكري ،
فحذا حذوه ، وسلك منهجه حتى تقاربت الألفاظ ، وتشابهت العبارات ، فنراه في فصل
يعقده لذلك ، وهو الفصل الأول من الباب الثاني من الصناعتين ، يقول :
الكلام ـ أيدك الله ـ يحسن بسلاسته ،
وسهولته ، ونصاعته ، وتخير ألفاظه ، وإصابة معناه ، وجودة مطالعه ، وليس مقاطعه ،
واستواء تقاسيمه ، وتعادل أطرافه ، وتشابه بواديه ، وموافقة أخيره فباديه ، حتى لا
يكون في الألفاظ أثر ، فتجد المنظوم مثل المنثور في سهولة مطلعه ، وجودة مقطعه ،
وحسن رصفه وتأليفه ، وكمال صوغه وتركيبه ، فإذا كان الكلام كذلك كان بالقبول
حقيقاً ، وبالتحفظ خليقاً ) [٢].
فعيار سلامة الكلام عنده تنحصر في سلامة
اللفظ وسهولته ونصاعته ، وجودة مطالعه ، ورقة مقاطعه ، وتشابه أطرافه ، وما نسجه
على هذا المنوال وفي هذا الهدف ، أما إصابة المعنى ( فليس يطلب من المعنى إلا أن
يكون صوابا ) [٣].
ثم يعزز رأيه بشواهد وأمثلة يختارها
تعنى بالصياغة اللفظية ، تاركاً وراءه المعاني ، عازفاً عن قبولها قبولاً حسناً ،
فهي مبتذلة يعرفها العربي والعجمي والقروي والبدوي ـ كما عبر عن ذلك الجاحظ بالنص
ـ فيقول