ورد ذكر الصورة وبعض مشتقاتها على ألسنة
بعض النقاد القدامى ، وأقدم من وقفنا على قول له في هذا الشأن هو أبو عثمان الجاحظ
( ت ٢٥٥ هـ ) الذي استعمل مادة الصورة في مجال الأدب بهيئة أخرى فقال ـ ( هو يتحدث
عن الشعر ) ـ بأنه : ضرب من النسج ، وجنس من التصوير [٢]. وكأنه أراد بالتصوير هنا العملية
الذهنية التي تصنع الشعر.
إلا أن قدامة بن جعفر ( ت ٣٣٧ هـ ) قد
استعملها نصاً ، واعتبرها الهيكل والشكل في مقابل المادة والمضمون ، فقال ـ
متحدثاً عن الشعر ـ « معاني بمنزلة المادة الموضوعة ، والشعر فيها كالصورة ، كما
يوجد في كل صناعة من أنه لا بدّ فيها من شيء موضوع يقبل تأثير الصور » [٣]. فهو ينأى بها عن فهم الجاحظ لها ،
فالجاحظ يذهب ـ في حدود فهمنا لكلامه ـ إلى أنها العملية الذهنية التي تهيئ النص
الشعري ، بينما يرى قدامة فيها الإطار الخارجي العام لشكل هذا الشعر.
[١] تحدثنا عن « الصورة الأدبية وأبعادها النقدية » في مدخل
رسالتنا للماجستير « الصورة الأدبية في الشعر الأموي » بكثير من التفصيل وكشفنا
موقعها من مسألة اللفظ والمعنى ، بما لا مسوغ لإعادته بتفصيلاته المكثفة. وهنا أرى
لزاماً عليّ أنألخص بعض ما توصلت إليه هناك : مضيفاً له ما استجد لدي في المصطلح
لما تقتضيه الضرورة من الإحاطة بمصطلح الصورة الفنية بين يدي البحث. ( ظ : تفصيل
ذلك في : الصورة الأدبية في الشعر الأموي : ١٠/٣٥٠ ـ الصورة الفنية الأدبية في
الشعر الأموي : ١٠/٣٥٠ ، الصورة الفنية في المثل القرآني : ٢٥ ـ ٣٨ ).