responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مفاهيم القرآن نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 468

يخلق ويرزق ويحيي ويميت من دون أن يستعين بأحد [١] ، أو يستعين في خلقه بمادة قديمة غير مخلوقة له ، بل الله سبحانه يخلق الجميع بنفسه من دون استعانة بأحد أو بشيء ، فهو يخلق المادة ويصورها كيف شاء ، فلو اعتقدنا أنّ أحداً مستغن في فعله العادي ، وغير العادي عمّن سواه ، وإنّه يقوم بما يريد من دون استعانة أو استمداد من أحد حتى الله سبحانه ، فقد أشركناه مع الله واتخذناه نداً له تعالى.

وصفوة القول هي : إنّ ملاك البحث في هذا التعريف هو : « استقلال الفاعل » في فعله وعدم استقلاله ، والتوحيد بهذا المعنى مما يشترك فيه العالم والجاهل.

نعم ما يدركه المتألّه المثالي من التفاصيل في مورد الاستقلال في المعبود وعدمه في العابد على ضوء الأدلة العقلية والكتاب العزيز مما يدركه غيره أيضاً بفطرته التي خلق عليها ، وعقليته التي نما عليها ، فلا يلزم من اختصاص فهم التفاصيل بهذه الطبقة ( أي المتألهين البصيرين ) حرمان العرب الجاهليين من فهم معاني العبادة ومشتقاتها الواردة في القرآن ومحاوراتهم العرفية ، فالعبادة بهذا المعنى ( أي باعتقاد كون المعبود مستقلاً ) يشترك فيه العالم والجاهل ، والكامل وغير الكامل ، غير أنّ كل فرد من الناس يفهمه على قدر ما أُعطي من الفهم والدرك كما قال سبحانه : ( فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا ) [٢].

غير أنّ الدارج في ألسن المتكلّمين هو « التفويض » فلنشرح مقاصدهم.


[١] نعم قد سبق منا عند البحث عن التوحيد في الربوبية أنّ كون الله سبحانه لا يستعين ـ في فعله بأحد لا يلازم أن يقوم بنفسه بكل الأُمور ، وبأن تكون ذاته مصدراً للخلق والرزق والإحياء والإماتة من دون أن يتسبب في كل ذلك بالأسباب ، بل معناه أن يكون في فعله ـ سواء في أفعاله المباشرية أو التسبيبية ـ مستغنياً عن غيره ، وإن كانت أفعاله جارية عبر نظام الأسباب والعلل.

[٢] الرعد : ١٧.

نام کتاب : مفاهيم القرآن نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر    جلد : 1  صفحه : 468
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست