والقرآنية تعترف
وتؤكد « رابطة العلية والمعلولية » بين الموجودات وآثارها واتضح من خلالها أنّ
الله تعالى علّة العلل وموجد الأسباب ، لا أنّه يقوم مقام الأسباب والعلل بحيث
تتعطل الأسباب والعلل ولا تعود لها أية مشاركة وفاعلية.
وعلينا الآن أن نبحث حول الأصل الثاني
ونتحدث حول تقسيم العلة إلى « اضطرارية » وأُخرى « اختيارية ».
فنقول : هناك نوعان من العلل والأسباب :
١. علل ذات إدراك وشعور واختيار وإرادة.
وبعبارة أُخرى ، هناك « فاعل مختار »
بمعنى أنّه إذا واجه مفترق طريقين اختار أحدهما على الآخر بإرادة واختيار منه ،
وبكامل حريته دونما قهر أو جبر.
٢. وهو ما يقابل النوع الأوّل وتلك هي
العلل الفاقدة للإدراك والشعور بنفسها وبأفعالها ، أو تكون مدركة وشاعرة ولكنها لا
تكون مختارة ومريدة لأفعالها.
وهذا النوع من العلل سواء أكانت فاقدة
للشعور أم فاقدة للاختيار والإرادة تسمّى فاعلاً مضطراً.
فمثلاً الشمس هي من العلل التي لا تشعر
هي بآثارها ( كالإشعاع والإنبات والإنماء ) وتكون لذلك مجبورة ومضطرة في فعلها ،
والنحل والنمل وما شابههما من الدواب والحيوانات والحشرات ـ وإن كانت تشعر وتدرك
ما تفعل ـ إلاّ أنّها تعمل ما تعمل بالوحي أو بالغريزة مائة بالمائة بمعنى أنّ هذه
الأحياء لا تفعل ما تفعله بعد مراجعة العقل ، بل تأتي بأفعالها تحت وطأة الغريزة ،
ودون إرادة منها ولا اختيار ، ومثل ذلك حركة يد المشلول وأضرابه.
ومع الالتفات إلى هذا النوع من التقسيم
يتضح جواب السؤال ، لأنّه وان صحّ أن يقال إنّ أفعال البشر مخلوقة لله ومتعلّقة
لإرادته ، وإنّ الله أراد من الأزل أن