غيرها مجاز ، بعيد ،
كاحتمال أنّ المقصود هو أنّنا ندرك الخضوع والسجود من الموجودات غير الشاعرة لا
أنّها تظهر من نفسها التذلّل والخضوع الذي هو أبعد ، لكونه خلاف المتبادر من نسبة
السجود إلى ذوات الموجودات بأنفسها ، لا أنّ الغير يدرك ذلك منها من دون أن توجد
حقيقة السجود في ذواتها.
على أنّ العرف والعقل هما أيضاً اختارا
هذا الطريق ( أي عدم الخصوصية ) في أمر استعمال الألفاظ.
فعندما استعملت لفظة المصباح على
المصابيح البدائية كالشمعة التي لا تضيء إلاّ بضع سانتيمترات حولها وما عداها من
المصابيح البدائية ذات الهيئة الخاصة التي لا تشبه المصابيح الضخمة الحاضرة في أية
جهة من الجهات.
أقول : يوم استعملت هذه اللفظة أُريد
منها ـ في الحقيقة ـ ما يضيء ، ولذلك حيث إنّ خاصية تلكم المصابيح القديمة موجودة ـ
بذاتها ـ في المصابيح الحاضرة وبنحو أكمل جاز وصح استعمال اللفظة المذكورة في
المصابيح الضخمة القوية الضوء ، أيضاً دون أي تغيير.
حقيقة سجود الكائنات
جميع الكائنات في هذا الوجود ، تظهر من
نفسها التذلّل والخضوع لله ، وبنحو خاص.
وإنّ أعلى مظاهر ذلك الخضوع ، والتذلّل
لله هو كون العالم بأسره تحت أمره سبحانه وفي قبضته ، وهو كونها ـ دون استثناء ـ مطيعة
له تعالى ، ومؤتمرة بأوامره ، وخاضعة لمشيئته المطلقة.