قال السيد الخوئي : « هذه الدعوىٰ
تشبه هذيان المحمومين وخرافات المجانين والأطفال ، فإنّ الحجّاج واحدٌ من
ولاة بني أُمية ، وهو أقصر باعاً وأصغر قدراً من أن ينال القرآن بشيءٍ ، بل
هو أعجز من أن يغيّر شيئاً من الفروع الإسلامية ، فكيف يغير ما هو أساس
الدين وقوام الشريعة ؟! ومن أين له القدرة والنفوذ في جميع ممالك الإسلام
وغيرها مع انتشار القرآن فيها ؟ وكيف لم يذكر هذا الخطب العظيم مؤرخ في
تاريخه ، ولا ناقد في نقده مع ما فيه من الأهمية ، وكثرة الدواعي إلىٰ نقله
؟ وكيف لم يتعرض لنقله واحد من المسلمين في وقته ؟ وكيف أغضىٰ المسلمون عن
هذا العمل بعد انقضاء عهد الحجاج وانتهاء سلطته ؟ وهب أنّه تمكّن من جمع
نسخ المصاحف جميعها ، ولم تشذّ عن قدرته نسخةٌ واحدةٌ من أقطار المسلمين
المتباعدة ، فهل تمكّن من إزالته عن صدور المسلمين وقلوب حفظة القرآن
وعددهم في ذلك الوقت لا يحصيه إلّا الله » [٢]،
وقد بيّنا في أدلّة نفي التحريف أنّ خلفاء الصدر الأول لم يجرءوا علىٰ حذف
حرفٍ منه ، وقد بلغ من دقّة وتحرّي المسلمين أن يهدّدوا برفع السيف في وجه
من يُقدِم علىٰ ذلك ، فكيف يتمكّن الحجّاج بعد اشتهار القرآن وتعدّد نسخه
وحفّاظه أن يغيّر اثني عشر موضعاً من كتاب الله علىٰ مرأىٰ ومسمع
جمهور المسلمين ومصاحفهم ؟!