ورسمه ، وبحث جملة
الزيادات التوضيحية ، ولاحظنا ما أسداه أبو الأسود الدؤلي ، وما ابتكره في إعجام
القرآن ونقطه حتى تيسر للخليل بن أحمد الفراهيدي أن يشاركه هذه المكرمة.
وقد وجدنا توسع المسلمين وتجوزهم بوضع
التحسينات على الخطوط بقصد معرفة النص وإيضاحه ، ونعيهم على من منع ذلك دون مسوّغ
، ثم وجدنا الرسم المصحفي وهو يحتل مكانته بشيء من المغالاة حيناً ، والتقديس غير
المعقول حيناً آخر ، وظهر لنا أن الرسم ليس توقيفياً ، وإنما الخط المصحفي كان
باجتهاد ممن كتب ، ولم تكن صناعتهم في هذا الفن متكاملة ، فكان ما قدموه من سنخ ما
يحسنون لا أكثر ولا أقل ، وتعقبنا ظاهرة استنساخ القرآن الكريم حتى وقفنا بها عند
حدود انتشار القرآن في الطباعة الأنيقة النموذجية.
٦ ـ وانتهينا في الفصل السادس إلى : القول
بسلامة القرآن وصيانته من التحريف ، وتوثيق النص القرآني جملة وتفصيلا ، وناقشنا
شبه القائلين بالتحريف ، فزيفنا الادعاءات ، ودحضنا الافتراضات ، وعالجنا الروايات
فكانت أخبار آحاد لا تفيد علماً ولا عملاً ، وناقشنا الاتهامات ، وفندنا الشبهات ،
وتعقبنا المحاولات ، وخلصنا من وراء ذلك إلى إنجاز الوعد الإلهي بحفظ القرآن.
ما قدمناه خلاصة مركزة في « تأريخ
القرآن » آثرنا فيها المعاناة على الدعة ، والمواجهة على الاستكانة فعادت صفحات
مشرقة فيما نعتقد ، أخلصنا فيها القصد لخدمة كتاب الله ، فإن أصبنا الحقيقة فذلك
ما نتمناه ، وإن كانت الأخرى ، فلي من حسن النية ما يسدد الزلل.