وعلى هذا الشعور تسّبح الموجودات كلّها، خالقها وبارئها وربّها سبحانه
وتنزّهه عن كلّ نقص وعيب.
ثمّ يقول: إنّ العلم والشعور والاِدراك كلّ ذلك متحقّق في جميع مراتب
الوجود، ابتداء من "واجب الوجود" إلى النباتات والجمادات، وانّ لكلّ موجود
يتحلّى بالوجود سهماً من الصفات العامة كالعلم والشعور والحياة. و...و... ولا
يخلو موجود من ذلك أبداً، غاية ما في الاَمر أنّ هذه الصفات قد تخفى علينا ـ
بعض الاَحيان ـ لضعفها وضآلتها.
على أنّ موجودات الكون كلما ابتعدت عن المادة والمادية، واقتربت إلى
التجرد، أو صارت مجردة بالفعل ازدادت فيها هذه الصفات قوة وشدة
ووضوحاً، وكلّما ازدادت اقتراباً من المادة والمادية، وتعمّقت فيها، ضعفت فيها
هذه الصفات، وضوَلت حتى تكاد تغيب فيها بالمرّة، كأنّها تغدو خلوة من العلم
والشعور والاِدراك، ولكنّها ليست كذلك ـ كما نتوهم ـ إنّما بلغ فيها ذلك من
الضعف، والضآلة بحيث لا يمكن إدراكها بسهولة وسرعة. [1]
وليست هذه الآية هي الفريدة في بابها، بل هناك آيات توَكد على جريان
الشعور في أجزاء العالم من الذرة إلى المجرّة.