ليس هو من الحمل على الظهر، وإنّما هو من الحمالة بمعنى الكفالة
والضمان ، ولذا قيل للكفيل: الحميل، والمراد والذين ضمنوا أحكام التوراة، ثمّ
لم يحملوها، أي لم يأدّوا حقها ولم يحملوها حق حملها، فهوَلاء أشبه بالحمار،
كما قال: (كَمَثَلِ الحِمار يَحْمِلُ أَسْفاراً ) .
وانتخب الحمار من بين سائر الحيوانات لما فيه من الذل و الحقارة ما
ليس في غيره بل والجهل و البلادة، مضافاً إلى المناسبة اللفظية الموجودة بين
لفظ الاَسفار والحمار.
فعلى كلّ تقدير فالآية تندّد باليهود، وفي الوقت نفسه تحذر عامة
المسلمين في أن لا يكون حالهم حال اليهود، في عدم الانتفاع بالكتاب المنزل
الذي فيه دواء كلّ داء وشفاء لما في الصدور.
وللاَسف الشديد أصبح القرآن بين المسلمين مهجوراً، إذ يتبرك به في
العرائس، أو يجعل تعاويذ للاَطفال، أو زينة الرفوف، أو يقرأ في القبور إلى غير
ذلك ممّا أبعد المسلمين عن النظر في القرآن بتدبّر .
ثمّ إنّه سبحانه يصف اليهود المكذبة للقرآن و آياته، بقوله: (بِئْسَ مَثَلُ
القَومِ الّذينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهْدِي القَوم الظالِمين ).