قال الرازي: إنّ المراد بالربوة الاَرض المستوية الجيدة التربة بحيث تربو
بنزول المطر عليها وتنمو ، كما قال سبحانه: (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الماء اهْتَزَّت وَرَبَتْ
وَأَنْبَتَتْ ).
ويوَيده أنّ المثل مقابل الصفوان الذي لا يوَثر فيه المطر.
وعلى كلّ حال فهذا النوع من الاَرض إن أصابها وابل أتت أُكلها ضعفين
فكان ثمرها مِثْلَي ما كانت تثمر في العادة، وإن لم يصبها وابل بل أصابها الطلّ
تعطي أُكلها حسب مايترقّب منها.
فالذين ينفقون أموالهم في سبيل الله أشبه بتلك الجنة ذات الحاصل الوافر
المفيد والثمين.
ثمّ إنّ قوله سبحانه: (ابتغاء مرضات الله و تثبيتاً من أنفسهم )بيان لدوافع
الاِنفاق وحواجزه وهو ابتغاء مرضاة الله أولاً، وتقوية روح الاِيمان في القلب
ثانياً، ولعلّ السرّ في دخول "من" على (من أنفسهم )مع كونه مفعولاً لقوله
(تثبيتاً) لبيان أنّ هذا المنفق ينفق من نفس قد روّضها وثبّتها في الجملة على
الطاعة حتى سمحت لله بالمال الغزير فهو يجعل من مقاصده في الاِنفاق، تثبيتها
على طاعة الله وابتغاء مرضاته في المستقبل.