الجنابة , لم يكن وجه للتعليل بكونه غسالة الناصب واليهودي ونحوهما , فلا بد أن يكون المنع لجهة أخرى , ولا يكون ذلك إلا لخروجها عن مورد الحكمين المذكورين ـ أعنى : عدم جواز الاغتسال بالنجس , وعدم جواز الاغتسال بغسالة الجنب ـ بأن تكون الغسالة متصلة بالمادة معتصمة , فلا تكون مورداً للحكمين المذكورين. ولو بني على ملاحظة المناسبات الخارجية العرفية المقتضية لصرف الكلام عن صورة العلم , وأن موردها صورة المعرضية لذلك , فمفادها حكم ظاهري , وهو أيضاً مجرد المنع عن الاغتسال ظاهراً فالاستدلال بها على النجاسة غير واضح.
ويحتمل ـ قويا ـ أن يكون المراد من الاغتسال مجرد غسل البدن ويكون المقصود من النهي الردع عما كان عليه بناء المخالفين , من الاستشفاء بذلك الماء المجتمع , كما ذكر في بعض الروايات [١]. ويؤيد ذلك أن من البعيد جداً أن يحصل داع إلى الاغتسال العبادي بذلك الماء المجتمع , مع ما هو عليه من الاستقذار والاستنفار مع تهيؤ الماء النزيه كما هو الغالب , لو لم يكن دائما , فليس الغسل بهذا الماء إلا لدواع أخرى من العلاج , أو الاستشفاء. وقد شاهدنا كثيراً من الناس في الأيام القريبة يعتقدون أن في ماء خزانة الحمام علاج القروح والجروح , فالمظنون ـ قويا ـ أن النصوص المذكورة واردة للزجر عن هذا التوهم , وليست في مقام جعل حكم شرعي. فلاحظ.
[١] في صحيح ابن سنان عن الصادق (ع) : « سألته عن الصلاة في البيع , والكنائس , وبيوت المجوس. فقال (ع) : رش وصل » [٢]
[١] الوسائل باب : ١١ من أبواب الماء المضاف والمستعمل حديث : ٢.
[٢] الوسائل باب : ١٣ من أبواب مكان المصلي حديث : ٤.
نام کتاب : مستمسك العروة الوثقى- ط بیروت نویسنده : الحكيم، السيد محسن جلد : 1 صفحه : 446