نام کتاب : بحوث في الملل والنّحل نویسنده : السبحاني، الشيخ جعفر جلد : 1 صفحه : 43
الفصل الثاني
بدايات الاختلاف في عصر الرسالة
لا شكّ في أنّ المسلمين قد اختلفوا بعد
لحوق النبي الأكرم بالرفيق الأعلى إلى فرق مختلفة ، وسنبين جذور هذه الخلافات
وحوافزها في الأبحاث الآتية.
إنّما الكلام في وضع المسلمين أيّام
النبي الأكرم فهل كانوا محتفظين بوحدة كلمتهم ومستسلمين لأمر نبيّهم جميعاً كما
أمر اللّه به سبحانه ، أم كان هناك بعض الاختلاف بينهم في جملة من المسائل؟
لا شكّ أنّ المسلم الحقيقي هو من يستسلم
لأوامر اللّه ورسوله ولا يخالفه قيد شعرة آخذاً بقوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَي اللّهِ وَرَسُولهِِِ واتَّقُوا اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَميعٌ عَليم)[١]. وقد فسر المفسرون قوله سبحانه : (لا تُقَدّمُوا بَيْنَ يَدَي اللّه وَرَسُوله) بقولهم : أي
لا تتقدموا على اللّه ورسوله في كلّ ما يأمر وينهى ، ويؤيده قوله سبحانه في نفس
السورة : (وَاعْلَمُوا أَنَّ
فيكُمْ رَسُولَ اللّهِ لَو يُطِيعُكُمْ في كَثير مِنَ الأَمْرِلَعَنِتّم). [٢]
وقال عزّ من قائل : (فَلا وَرَبّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتّى يُحكّمُوكَ
فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا في أَنْفُسِهِمْ حَرجاً مِمّا قَضَيْت
وَيُسَلِّمُوا تَسْليماً). [٣]