اتّفق المسلمون تبعاً للذكر الحكيم على
أنّ الرسالة المحمّدية رسالة عالمية أوّلاً ، وخاتمية ثانياً ، قال سبحانه : (قُلْ يا أَيُّهَا النّاسُ إِنّي رَسُولُ اللّهِ
إِلَيْكُمْ جَميعاً)[١]
، وقد حملت الأُمّة الإسلامية رسالة إبلاغ الإسلام على عواتقها بعد التحاق النبي
الأكرم بالرفيق الأعلى فنشروها في مشارق الأرض ومغاربها حسبما توفر لديهم من
الإمكانيات ، وقد وصلت النوبة في هذا العصر إلى قادة المسلمين وأئمّتهم ، فيجب
عليهم بث الإسلام وتعاليمه بين الناس ـ شرقيّهم وغربيّهم ـ في حدود الإمكانيات
والوسائل الموجودة في سبيل بسط الدعوة ونشرها حتّى ينقذوا العالم من مخالب المادية
ومن الحروب التي تهدد كيان الإنسانية.
وممّا لا شكّ فيه أنّ للتأثير في النفوس
وجذب القلوب ، عللاً وأسباباً مختلفة ، أهمها كون الداعي مجهزاً بقوة المنطق
والاستدلال القاطع الذي تخضع له العقول السليمة ، فعند حسن الدعوة وأسلوبها ، وقوّة
المادة ورصانتها ، ترى القلوب تهوي إليها من كلّ صوب وجانب ، والناس يدخلون في دين
اللّه أفواجاً ، وأمّا إذا كانت الدعوة غير منسجمة مع الفطرة السليمة ، فنفور
الناس هو النتيجة الحتمية وتكون من قبيل « مايفسده أكثر ممّا يصلحه ».
وفي ظل هذا العامل سيطرت الدعوة
المحمدية ـ آن ظهورها ـ على قلوب العالم واكتسحت العراقيل الموجودة أمامها ، وما
ذاك إلاّ لكون الدعوة حائزة للشرائط موافقة للطباع ، وإلى هذا الانسجام يشير قوله
سبحانه : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ
لِلدّين حَنيفاً فِطْرَةَ اللّهِ الّتي فَطَرَ النّاسَ عَلَيْها لا تَبدِيلَ
لِخَلْقِ اللّهِ ذلِكَ