نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 38
أسرفوا في دماء الصالحين
الذين يأمرون بالقسط ، وبعد ما زوّروا في معالم الدين وبدّلوا في أحكامه ، ممّا عجز عبد الله بن اُبَيّ عن يسير منه !
ومع كلّ هذه « التعديلات الدستورية » التي
اُجريت لصالح « اُولي الأمر » فإنّ الواجب الملقى على عاتق الأُمّة قد
اُبقي على حاله ، فما زالت الاُمّة ملزمةً بطاعة
« اُولي الأمر » ومسالمة من سالمهم ومحاربة من حاربهم ، تماماً كما لو كان
وليّ الأمر قد جاء باختيار من الله ومن رسوله أو من الاُمّة بإجماع تامٍّ
صحيح ، وقد توفّر على جميع تلك الخصائص المعروفة من العدل والعلم والصلاح !
فلم يعد في ظلّ هذا الفقه حفظ الدين وإقامه
حدوده هو الغاية ، ولا حفظ الاُمّة وتوفير حقّها في الأمن والمساواة وأسباب
الهداية والمعرفة كذلك.. بل أصبحت الغاية الوحيدة هي حفظ العرش لشخص
الحاكم الذي اعتلاه وأمسك بالسيف من فوقه ، وليس مهمّ بأي طريقة اعتلاه ،
إنّما على هذا الدين أن يوفّر له شرعيّته ويحرّم مخالفته ، ثمّ يطاوعه كيف
يشاء.. وعلى الاُمّة كذلك أن تعلم أنّ كلّ وجودها إنّما هو لحفظ سلامة
العرش لصاحبه مادام حيّاً !!
ـ وهذا هو الأصل في أوّل افتراق وقع في الاُمّة
بعد غياب رسول الله صلىاللهعليهوآله
، وقد تمدّد مع الزمن ليكتسب كلّ مقوّمات الفرقة الواقعية ، سياسيّاً
وفكرياً وعقيديّاً وفقهيّاً ، حين انحصرت مصادره بالأبواب التي فتحها
الاُمراء أو أذِنوا بها ، وأدار ظهره لغيرها ممّا حاربه الاُمراء وحظروه ،
فصار ما ترشّح عن خالفه بدعاً في الدين منكراً !!
ـ ومن هذا الأصل ذاته اكتسبت هذه الفرقة
في ما بعد اسمها الذي تميّزت به « أهل السنّة والجماعة ».
نام کتاب : المذاهب والفرق في الإسلام نویسنده : صائب عبد الحميد جلد : 1 صفحه : 38