وقال الجويني المعروف بإمام الحرمين : اعلموا
أنه لا يشترط في عقد الإمامة الإجماع ، بل تنعقد الإمامة وإن لم تُجمِع الأمّة على
عقْدها ، والدليل عليه أن الإمامة لما عُقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين
، ولم يتأنَّ لانتشار الأخبار إلى مَن نأى من الصحابة في الأقطار ، ولم يُنكِر
مُنكِر. فإذا لم يُشترط الإجماع في عقد الإمامة لم يَثبُت عدد معدود ولا حَدّ
محدود ، فالوجه الحكم بأن الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحل والعقد [٢].
وقال الماوردي في الأحكام السلطانية : اختلف
العلماء في عدد مَن تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتى ، فقالت طائفة : لا تنعقد
إلا بجمهور أهل العقد والحل من كل بلد ، ليكون الرضا به عامّاً ، والتسليم لإمامته
إجماعاً ، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر رضياللهعنه
على الخلافة باختيار مَن حضرها ، ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها [٣].
الجهة
الثالثة : أن الإجماع لم يتم
لأحد من هذه الأمة ، حتى مَن اتفق أهل السنة والشيعة على صحّة خلافته ، كأمير
المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام
، فإن أمير المؤمنين عليهالسلام
لم يبايعه أهل الشام قاطبة ، وامتنع جمع من الصحابة عن بيعته ، كعبد الله بن عمر
وزيد بن أرقم ومحمد بن مسلمة وغيرهم.
وأما أبو بكر فقد اعترف الإيجي بعدم
انعقاد الإجماع على خلافته كما مرّ ، وتخلّف عن بيعته أمير المؤمنين عليهالسلام وبنو هاشم قاطبة وجمع آخر من الصحابة.
وقد نصَّ على ذلك جمع من أعلام أهل السنة في كتبهم ومصنَّفاتهم ، وإليك بعض ما
ذكروه :