ثم إنه قد جاء في بعض تلك الأحاديث
المذكورة تقديم أبي بكرلعمر ـ بل ذكر ابن حجر أن إلحاح عائشة كان بطلب من أبيها
أبي بكر [١]
ـ ... وقد وقع القول من أبي بكر ـ قوله لعمر : صل بالناس ـ موقع الإشكال كذلك ،
لأنه لوكان الآمر بصلاة أبي بكر هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
فكيف يقول أبوبكر لعمر : صل بالناس؟! فذكروا فيه وجوها :
أحدها : ما تأوّله بعضهم على أنه قاله
تواضعاً.
والثاني : ما اختاره النووي ـ بعد الرد
على الأوّل ـ وهو أنه قاله للعذر المذكور ، أي كونه رقيق القلب كثير البكاء ، فخشي
أن لا يسمع الناس!
والثالث : ما احتمله ابن حجر ، وهو : أن
يكون فهم من الإمامة الصغرى الإمامة العظمى ، وعلم ما في تحملها من الخطر ، وعلم
قوة عمر على ذلك فاختاره [٢].
وهذه الوجوه ذكرها الكرماني قائلاً : «
فإن قلت : كيف جاز للصدّيق مخالفة أمر الرسول ونصب الغير للإمامة؟! قلت : كانه فهم
أن الأمر ليس للإيجاب. أو أنه قال للعذر المذكور ، وهوأنه رجل رقيق كثير البكاء لا
يملك عينه. وقد تأوّله بعضهم بانه قال تواضعاً » [٣].
قلت : أما الوجه الأوّل فتأويل ـ وهكذا
أولوا قوله عند ما استخلفه الناس وبايعوه : « ولّيتكم ولست بخيركم » [٤]ـ لكنه ـ كما ترى ـ تاويل لا يلتزم به
ذو