والدليل العمدة على ذلك : إجماع الصحابة
، حتّى جعلوا ذلك أهمّ الواجبات واشتغلوا به عن دفن الرسول ...
واذا كان هذا هو العمدة في الأدلّة ،
فالأمر سهل .. ففي هذا الدليل نظر من وجوه [٢]
، أحدها : عدم تحقّق هذا الإجماع!
نعم ، ترك أبو بكر وعمر ومن تابعهما
جنازة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
على الأرض ، وأسرعوا إلى سقيفة بني ساعدة حيث اجتمع جمع من الأنصار للنظر في أمر
الخلافة .. ثمّ أقبلوا على بني هاشم ومن بقي معهم حول الجنازة ، يطالبونهم البيعة
لأبي بكر!
فالّذين « جعلوا ذلك أهمّ الواجبات » ..
« حتّى قدّموه على دفن النبيّ » هم طائفة من الصحابة ، وليس كلّهم.
هذا بناء على أن يكون اجتماع الأنصار في
السقيفة للنظر في أمر
[١] راجع : تثبيت
الإمامة ـ لأبي نعيم ـ : ٧٠ ـ ٧٣ ح ٢٧ ـ ٣٠ ، غياث الأمم ـ للجويني ـ : ٥٥ ـ ٦٥ ،
الأربعين في أصول الدين ـ للفخر الرازي ـ ٢ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦.
[٢] منها : إنّه إذا
كان نصب الإمام بعد النبيّ من أهمّ الواجبات ، حتّى إنّ القوم تركوا جنازته على
الأرض ـ مع ما فيه من الوهن للإسلام والنبيّ ـ وراحوا يعيّنون الخليفة له والإمام
بعده ، فلماذا ترك النبيّ نفسه « أهمّ الواجبات » هذا ، وترك الدين والمسلمين عرضة
للأهواء كما يزعمون؟!