قالوا :
لعلَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حين أمرهم
بإحضار الدواة لم يكن قاصداً لكتابة شيءٍ من الأشياء ، وإنَّما أراد مجرَّد اختبارهم لا غير.
فنقول :
إنَّ هذه الواقعة إنَّما كانت حال احتضاره ـ بأبي هو وأُمِّي ـ كما هو صريح
الحديث ، فالوقت لم يكن وقت اختبار ، وإنَّما كان وقت إعذار وإنذار ،
ووصيَّة بكلِّ مهمَّة ، ونصح تامٍّ للأُمَّة ، والمحتضر بعيدٌ عن الهزل
والمفاكهة ، مشغول بنفسه وبمهمَّاته ومهمَّات ذويه ، ولا سيَّما إذا كان
نبيَّاً.
وإذا كانت صحَّته مدَّة حياته كلِّها لم
تسع اختبارهم ، فكيف يسعها وقت احتضاره ، علىٰ أنَّ قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم
ـ حين أكثروا اللغو واللغط والاختلاف عنده ـ : « قوموا »
، ظاهر في استيائه منهم ، ولو كان الممانعون مصيبين لاستحسن ممانعتهم ،
وأظهر الارتياح إليها ، ومن ألمَّ بأطراف هذا الحديث ولا سيَّما قولهم :
هجر رسول الله ، يقطع بأنَّهم كانوا عالمين أنَّه إنَّما يريد أمراً
يكرهونه ، ولذا فاجأوه بتلك الكلمة ، وأكثروا عنده اللغو واللغط والاختلاف
كما لا يخفى ، وبكاء ابن عباس بعد ذلك لهذه الحادثة ، وعدّها رزيةً ، دليل
علىٰ بطلان هذا الجواب.
وقالوا :
إنَّ عمر كان موفَّقاً للصواب في إدراك المصالح ، وكان صاحب إلهام من الله تعالىٰ.
[١]
استفدناه من كتاب المراجعات للإمام السيد عبد الحسين شرف الدين العاملي ، المراجعة (٨٨).
نام کتاب : الوصية الممنوعة نویسنده : الزبيدي، علي صادق جلد : 1 صفحه : 55