كما أنّ بني أميّة وكلّ أتباعهم ومن كان
تحت سيطرتهم ، ثم بعد ذلك بني أيّوب ولمدة عشرات السنين ، قد اتخذوا يوم عاشوراء
عيداً ، وأوّل من فعل ذلك الحجاج برضا وبمرأى ومسمع من الخليفة عبدالملك بن مروان
، وبمرأىً ومسمع من بقايا الصحابة ، وجميع التابعين.
ولم نجد اعتراضا من أحدٍ منهم ، ولا من
أيّ من علماء علماء الأمة ، وصلحائها ـ باستثناء أهل البيت الذين كانوا يعملون
بمبدأ التقية آنئذٍ ـ لا في تلك الفترة ، ولا في زمان بني ايوب وبعده.
ولا سيما وأنهم يروون أموراً ، وحوادث
عظيمة ، اتفق وقوعها في هذا اليوم ، من قيل : توبة الله فيه على آدم ، واستواء
السفينة على الجودي ، ونحو ذلك. [١]
ويا ليتهم اكتفوا بذلك ، بل لقد تعدّو
ذلك إلى الإفتاء بحرمة لعن يزيد ، وعدم جواز تكفيره ، وقالوا : إنّه من جملة
المؤمنين. [٢]
كما أن الجمهور قد خالفوا في جواز لعنه بالتعيين. [٣]
بل يقول الشبراوي الشافعي ، عن الغزّالي
، وابن العربي : « فإنّ كلاهما قد بالغ في تحريم سبّه ولعنه ، لكن كلاهما مردود ،
لأنه مبنيّ على صحة بيعة يزيد لسبقها ، والذي عليه المحققون خلاف ما قالاه ». [٤]
أضف الى ذلك : أنّ عمر بن عبدالعزيز قد
ضرب ذلك الذي وصف يزيد ب « أمير المؤمنين » عشرين سوطا. [٥] كما أن الإمام أحمد بن حنبل قد حكم
أيضا بكفر يزيد. [٦]
ثم زادوا في الطنبور نغمة ، فقالوا : «
يحرم على الواعظ وغيره رواية مقتل الحسين ، وحكاياته » .. قال ذلك الغزالي وغيره. [٧] وليس ذلك ببعيد على من
[١]
راجع على سبيل المثال : عجائب المخلوقات ، بهامش حياة الحيوان / ج ١ / ص ١١٤.
[٢]
الصواعق المحرقة / ص ٢٢١ ، وإحياء علوم الدين / ج ٣ / ص ١٢٥ ، وراجع العواصم من
القواصم ، وهوامشه لنرى دفاعهم المستميت عن يزيد لعنه الله تعالى.