ونقول : انه لم يدّع أحد ، أنه حتى في
يوم الوفاة لابد من الفرح والسرور ، ولا يلزم من قول المجوّزين للمواسم والذكريات
ذلك.
بل هم يقولون : إن كل ذكرى ، لابدّ وأن
يعمل فيها ما يناسبها ، ولأجل ذلك نجد الحملة الشعواء من ابن تيمية ، ومن لفّ لفّه
، على الروافض على إقامتهم المآتم في عاشوراء ، والأفراح في يوم الغدير ، ويوم
المولد ، وأشباهه. أضف الى ذلك .. أنهم كما يقيمون الافراح في مثل يوم مولده ،
ومبعثه صلىاللهعليهوآله ، كذلك هم
يقيمون العزاء ، والحزن في مثل يوم وفاته.
وأمّا كون يوم وفاته هو يوم ولادته فهو
ليس مما ينبغي أن يقال هنا ، لأن الذكريات إنّما تقام لصاحب الذكرى في كل عام مرة
، وهذا يتوقف على الاختلاف في تواريخ الذكريات من حيث موقعها من الأشهر ، والأيام
فيه.
ولا تقام في كل أسبوع مرة ، بحيث ينشغل
الناس بها باستمرار ، وتختل أعمالهم ، وتتأثر مصالحهم ، حتى يقال : إنه قد اجتمع
يوم الحزن وهو الوفاة يوم الاثنين مع يوم الفرح ، وهو الولادة يوم الاثنين.
هذا كله .. فضلا عن اعترافه أخيرا ، بان
الفطرة قاضية بالفرح يوم المولد ، وبالحزن يوم الوفاة ، والناس قد عملوا في هذا
الأمر تماما وفق مقتضيات الفطرة ، والذين يمنعون من ذلك هم المخالفون لأحكام
الفطرة ، ولمقتضياتها .. كما هو مظاهر للعيان.
وليس ما نحن فيه إلاّ أدلّ دليل على ذلك.
موقف السلف من الأعياد والمواسم
وأمّا ما ذكروه من أنّ السلف ، لم
يقيموا هذه المواسم ، ولم يفعلوا شيئاً من هذه الأعياد ، أو لم ينقل ذلك عنهم.
فنقول :
١ ـ لسوف يأتي إن شاء الله تعالى أنّ
السلف قد احتفوا ببعض الأعياد
[١]
الانصراف في ما قيل في المولد من الغلو والإجحاف / ص ٥٤ / ٥٥ ، وراجع كلام
الفاكهاني ص ٨٥ وفي ورسالة حسن المقصد للسيوطي ، الموجودة في الحاوي للفتاوي / ج ١
/ ص ١٩٠ ـ ١٩٢ ، والقول الفصل / ص ٥١.