وأمّا بالنسبة للرواية المنسوبة للإمام
السجّاد عليهالسلام ، وقريب
منها الرواية المنسوبة لحسن بن الحسن والتي مفادها : أنه عليهالسلام حينما لاحظ ذلك الرجل يأتي كل غداة
فيزور قبر النبي (ص) ويصلي عليه حدثه عليهالسلام
عن النبي صلىاللهعليهوآله أنه قال :
« لا تجعوا قبري عيدا ، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا
، وصلّوا علي وسّموا حيئما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم
». [١]
فإن هذه الرواية ظاهرة في أنه عليه
الصلاة والسلام قد لاحظ : أن ذلك الرجل قد ألزم نفسه بأمر شاق ، وهو المجيء يوميا
للصلاة عليه صلىاللهعليهوآله وزيارته ،
فأراد عليهالسلام التخفيف عنه
، وإفهامه : أنّ بإمكانه الصلاة والتسليم عليه صلىاللهعليهوآله
حيثما كان ، فسيبلغه ذلك ، فلا داعي لإلزام نفسه بما فيه كلفة ومشقة. ولم ينهه عن
الصلاة والدعاء عند قبره صلىاللهعليهوآله .
[٢]
وعلى ذلك يحمل ما ورد عن حسن بن حسن
أيضا ..
وأمّا ما ذكره البعض من أنّ مراده عليهالسلام : انّ قصد القبر للدعاء ونحوه اتخاذ له
عيداً .. كما أن حسن بن حسن شيخ أهل بيته ( على حد تعبير هذا البعض ) قد كره للرجل
أن يقصد القبر للسّلام عليه ونحوه ، عند غير دخول المسجد ، ورأى أنّ ذلك من اتخاذه
عيداً .. إلى أن قال : « .. والعيد إذا جعل اسما للمكان ، فهو المكان الذي يقصد
الاجتماع فيه وانتيابه للعبادة عنده ، أو لغير العبادة كما أنّ المسجد الحرام ،
ومنى ، ومزدلفة وعرفة ، جعلها الله عيداً مثابة للناس ، يجتمعون فيها وينتابونها
للدّعاء ، والذكر والنسك ». [٣]
أمّا .. ما تقدم .. فإنه لا ينسجم مع
سياق الحديث ، وما ذكرناه هو الظاهر منه ، ولا أقلّ هو محتمل بحيث يبطل به
الاستدلال.. حسبما أوضحناه فيما سبق ، بالنسبة لخصوص فقرة : لا تجعلوا قبري عيدا ..
وأما بالنسبة لما أراده الامام
__________________
[١]
قد تقدمت مصادر الرواية في ضمن مصادر رواية ابن داود عن ابي هريرة : لا تتخذوا
قبري عيدا.
[٢]
أشار الى ذلك أيضا في شفاء السقام / ص ٦٦ ، والصارم المتكي / ص ٢٨٢ و ٢٩٨.
[٣]
راجع : الصارم المنكي / ص ٢٩٨ عن ابن تيمية. وقد تقدم بعض ما يشير الى ذلك في ضمن
ما نقلناه من استدلالاتهم في الفصل السابق.