لها ، فخطب صلىاللهعليهوآلهوسلم الناس ، وحثّهم على الصدقة ، فجاء
أنصاري بِصُرّة ، ثم تتابع الناس بعده ، فقال صلىاللهعليهوآله
: « من سنّ
سنّة حسنه الخ ... » [١]
فمعنى ذلك : هو أن مورد الرواية هو
تعيين المورد والمصداق للنص الشرعي المتعلق بالعنوان العام ، حسبما تقدمت الإشارة
اليه ، وليس موردها ما لا نص فيه أصلا.
هذا كله .. عدا عن أن ما نحن فيه ليس من
السنّة التي معناها الإدخال في الشرع ، بل هو من الأمور المباحة ، كما تقدم.
الذكريات عبادة لصاحب الذكرى
واستدلوا أيضا على حرمة الموالد
والذكريات للأولياء ، بأنها نوع من العبادة لهم وتعظيمهم.
ونقول : إن ابن تيمية قد خلط بين
العبادة والتعظيم وصار يكفّر الناس استنادا الى ذلك ، ونحن نعرض الفرق بينهما
ليتضح زيف هذا الكلام .. فنقول :
قال السيد الامين رحمهالله تعالى :
« العبادة بمعناها اللغوي ، الذي هو
مطلق الذل والخضوع والانقياد ، ليست شركاً ولا كفراً قطعاً ، وإلاّ لزم كفر الناس
جميعا من لدن آدم إلى يومنا هذا ، لأن العبادة بمعنى الطاعة والخضوع لا يخلو منها
أحد ، فليزم كفر المملوك ، والزوجة ، والولد ، والخادم ، والأجير ، والرعية ،
والجنود ، بإطاعتهم وخضوعهم للمولى ، والزوج ، والأب ، والمخدوم ، والمستأجر ،
والملك ، والأمراء ، وجميع الخلق لإطاعتهم بعضهم بعضا. بل كفر الأنبياء ، لإطاعتهم
آباءهم ، وخضوعهم لهم ، وقد أوجب الله إطاعة أوامر الابوين ، وخفض جناج الذل لهما
، وقال لرسوله (ص) « واخفض
جناحك لمن اتبعك من المؤمنين » ( وأمر
بتعزير النبي (ص) وتوقيره ) وأمر بإطاعة الزوجة لزوجها ... وأوجب طاعة العبيد
لمواليهم ، وسمّاهم عبيداً.
[١]
راجع : صحيح مسلم / ج ٣ / ص ٨٧ ، والسنن الكبرى / ج ٤ / ص ١٧٥ و ١٧٦ وسنن النسائي /
ج ٥ / ص ٧٥ ـ ٧٧ ومسند أحمد / ج ٤ / ص ٣٥٩ و ٣٦٠ و ٣٦١ ، والزهد والرقائق ص ٥١٣ /
٥١٤ ، والمسند للحميدي / ج ٢ ص ٣٥٢ / ٣٥٣ ، والمعتصر من المختصر / ج ٢ / ص ٢٥١ / ٢٥٢.