استناداً إلى ما روي
عنه (ص) : « من أحدث في
أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد » [١] لأن قوله « في امرنا
» معناه : أدخل في تشريعاتنا الدينية ما ليس منها ، بل لقد قال السيد الأمين عن
البدعة : « لا يحتاج تحريمها إلى دليل خاص ، لحكم العقل بعدم جواز الزيادة على
أحكام الله تعالى ، ولا التنقيص منها ، لا ختصاص ذلك به تعالى وبأنبيائه ، الذين لا
يصدرون إلاّ عن أمره ». [٢]
فالبدعة في الشرع ، وبعنوان التشريع لا
تقبل القسمة المذكورة ، بل هي من غير صاحب الشرع قبيحة مطلقا.
وأمّا الابتكار والابتداع في العادات
والتقاليد ، وأمور المعاش ، والحياة ، فهو الذي يقبل القسمة إلى الحسن والقبيح ،
ويكون موضوعا للأحكام الخمسة : الوجوب ، والحرمة ، والاستحباب ، والكراهة ،
والإباحة ... ( ويلاحظ : الخلط في الأمثلة التي ذكرها عبد العزيز بن عبدالسلام بين
هذا القسم وبين سابقه ). [٣]
وعليه فالأمور العادية والحياتية ونحوها
، مما لم يرد من الشارع حكم متعلق بها بخصوصها ، أو بعموم يكون كل منها أحد أفراده
ومصاديقه ، إن عملها المكلف وقام بها ، أو تركها ، بعنوان أنها من الدين ، فإن لم
تكن منه ، فإنه يكون قد أبدع في الدين ، وأدخل فيه ما ليس منه.
وأما إذا قام بها ، وعملها ، أو تركها ،
ملتزها بها أو غير ملتزم ، لا بعنوان أنها من الدين ، ولا يدّعي أن الله سبحانه قد
شرع ذلك ، مع عدم منافاة ذلك لأيّ من أحكام الدين وتعاليمه ، فلا يكون ذلك بدعة في
الدين ، ولا إدخالاً ما ليس منه ، فيه.
وما نحن فيه إنما هو من هذا القبيل ،
كما هو ظاهر.
إذ لو كان اختيار الأساليب المختلفة
للتعبير عن التقدير والاحترام ، المطلوب لله سبحانه بدعة ... لكان كل جديد يجري
العمل به في طول البلاد وعرضها من البدع المحرّمة.
[١]
راجع : سنن أبي داود / ج ٤ / ص ٢٠٠ ، وسنن أبي مسلم / ج ٥ / ص ١٣٣ ، ومسند أحمد /
ج ٦ / ص ٢٤٠ و ٢٧٠.