واستدل بعض العلماء بأن جل أعمال مناسك
الحج ما هي إلاّ احتفالات بذكرى الأنبياء ، فأمر الله تعالى باتخاذ مقام إبراهيم
مصلّى ، إحياءً لذكرى شيخ الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، أمّا السعي بين
الصفا والمروة ، فهو تخليد لذكرى هاجر حينما عطشت هي وابنها إسماعيل ، فكانت تسعى
بين الصفا والمروة ، وتصعد عليهما لتنظر : هل ترى من أحد ( كما ذكر البخاري ) ...
ورمي الجمار تخليد لذكرى إبراهيم عليهالسلام ، حينما ذهب به جبريل إسماعيل ففداه
الله بذبح عظيم.
وفي بعض الأخبار : أن أفعال الحج إنما
هي احتفال بذكرى آدم ، حيث تاب الله عليه عصر التاسع من ذي الحجة بعرفات ، فأفاض
به جبريل حتى وافى إلى الشعر الحرام فبات فيه ، فلما أصبح أفاض إلى منى ، فحلق
رأسه إمارة على قبول توبته ، وعتقه من الذنوب.
فجعل الله ذلك اليوم عيداً لذريته.
فأفعال الحج كلها تصير احتفالات واعياداً
بذكرى الأنبياء ، ومن ينتسب اليهم ، وهي باقية أبد الدهر. [١]
ونقول :
أوّلاً
: ان هذا الاستدلال يتوقف على ثبوت
الروايات المشار إليها آنفا ، على كون قوله تعالى : (واتخذوا من
مقام ابراهيم مصلّى) قد جيء به للإشارة إلى هذا الأمر
التاريخي ...
والآية إنما أوردت كلمة « مقام إبراهيم
» للإشارة إلى موضوع الحكم ، وليس عنوان هذا الموضوع دخيلا في ثبوت ذلك الحكم ، لا
بنحو الاقتضاء ولا بنحو العلّميّة التامّة ، ولعلة تكون العلة للحكم أمراً آخر ،
ويكون العنوان من قبيل
[١]
راجع كتاب : معالم المدرستين / ج ١ / ص ٤٧ ـ ٤٩ ، للعلامة العسكري حفظه تعالى.