نام کتاب : المعاد يوم القيامة نویسنده : الكعبي، علي موسى جلد : 1 صفحه : 21
الخلود والبقاء
الأبدي والسعادة السرمدية ، وذلك من خلال تنزيه النفس عن ارتكاب الخطايا ،
وترويضها على معاني الفضيلة والعدالة ، ومجاهدتها عن الاستسلام لرغباتها
المضادّة للشرع والعقل ، والعروج بها إلى سلّم الكمال الانساني والاطمئنان
الروحي (
يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ *
ارْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً *
فَادْخُلِي فِي عِبَادِي *
وَادْخُلِي جَنَّتِي )[١].
وتلك القيم لا ينشدها الإنسان إلّا
ليقينه بمعادٍ يثاب فيه على إحسانه ويعاقب على إساءته ، فهو يسيطر على نفسه
بقوة عقيدته التي غرست في نفسه حبّ الفضيلة ومكارم الأخلاق ومحاسن الصفات ،
ومنحته المناعة الكافية عن ارتكاب الخطايا والذنوب ، لما تخلّفه من ندامة
وحسرة ومسؤولية كبرى في يوم الحساب.
ثمّ إن الاعتقاد بالمعاد ليس رادعاً عن
إتيان القبائح وغشيان الخسائس وحسب ، بل إنه مُطمأنّ النفس وسَكَن الخواطر
ومعتصم الاندفاعات ، وبه تمتدّ أشعة الأماني إلى ما لا نهاية ، ولا تقف
الآمال إلّا عند غاية الحق والكمال ، حيث يصبح الانسان فاضلاً ، لا لأنّه
يخاف العذاب أو يرجو الثواب ، بل لأنه يجد لذة الفضيلة أكبر من لذّة
الرذيلة ، ويعبد الله تعالى لا بدافع الرهبة أو الرغبة ، بل لأنّه يرى الله
تعالى أهلاً للعبادة ، يقول أمير المؤمنين عليهالسلام
: «
إلهي ما عبدتك خوفاً من عقابك ، ولاطمعاً في ثوابك ، ولكن وجدتك أهلاً للعبادة فعبدتك »[٢]. وتلك عبادة الأحرار المخلصين والكرام المؤمنين.