أمّا ما يترتب على الإيمان بالمعاد ، من
الوقوف عند حدود الشريعة وامتثال أحكامها وتطبيق مقرراتها ـ وما يتبع ذلك
من آثار تعود في صالح الفرد والمجتمع ، سواء في إطار تهذيب الأخلاق وتقويم
السلوك ، أو في إطار تنمية النوازع النفسية الخيّرة ، وضمان عروجها في
سُلّم الفضيلة والكمال ـ فهي فرع لذلك الأصل ، وثمرة من ثمراته الطيبة ،
والتي ترسم لنا بمجموعها صورة من صور الحكمة الإلهية في فرض اُصول الاعتقاد
وتشريع الأحكام ، وما لذلك من آثار تعود في صالح الفرد ، وتضمن مصالحه
وسعادته في الدارين ، وتسهم في تنظيم الحياة الانسانية بأبهىٰ صورها ، وفي
ما يلي نذكر أهمّ تلك الآثار
أولاً
: أثر المعاد فيإطار السلوك
لا يخفى أن إرسال الأنبياء يُعدّ من
الضرورات التي تفرضها حاجة الإنسان إلى الهداية والصلاح ، بما ينسجم مع
الحكمة الإلهية التي قضاها الله تعالى في خَلْقه ، ولا يمكن إقامة اُسس تلك
الهداية ما لم تقترن بقوّة تنفيذية فاعلة تحمل الإنسان على الانصياع لها ،
وتُخرج التعاليم الإلهية والأحكام السماوية من حيّز النظرية إلى واقع
الممارسة ، فتقود الإنسان إلى ساحل الرشاد ، دون أدنى تجاوزٍ منه أو مخالفة
، وبدون تلك القوّة ستبقى تلك التعاليم والأحكام مجرّد مواعظ ، ليس لها
معنى في واقع الحياة ، ولا أدنى