ولا بخروجه من بيته بسبب ذلك محموماً مألوماً معصباً مدثراً يرسف في مشيته ورجله لا تكاد تقله مما كان به من لغوب فصعد المنبر وهو يتنفس الصعداء ويعالج البرحاء فقال : أيها الناس ما مقالة بلغتني عن بعضكم في تأميري أسامة ، ولئن طعنتم في تأميري أسامة لقد طعنتم في تأميري أباه من قبله ، وأيم الله ان كان لخليقا بالامارة وان ابنه من بعده لخليق بها ، فأكد 6 الحكم بالقسم وان واسمية الجملة ولام التأكيد ليقلعوا عما كانوا عليه فلم يقلمعوا ، لكن الخليفة أبى ان يجيبهم إلى عزل أسامة ، كما أبى ان يجيبهم إلى الغاء البعث ، ووثب فأخذ بلحية عمر [٩] فقال ثكلتك أمك وعدمتك يابن الخطاب استعمله رسول الله 6 وتأمرني أن أنزعه.
ولما سيروا الجيش ـ وما كادوا يفعلون ـ خرج أسامة في ثلاثة آلاف مقاتل فيهم ألف فرس [١٠] وتخلف عنه جماعة منمن عبأهم رسول الله 6 في جيشه ، وقد قال 6 « جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه » [١١].
[٩] نقله الحلبي والدحلاني في سيرتيهما وابن جرير الطبري في احداث سنة ١١ من تاريخه وغير واحد من أهل الأخبار. [١٠] قشن الغارة على أهل ابنى فحرق منازلهم وقطع نخلهم وأجال الخيل في عرصاتهم وقتل من قتل منهم وأسر من أسر ، وقتل يومئذ قاتل أبيه ولم يقتل والحمد لله رب العالمين من المسلمين أحد ، وكان أسامة يومئذ على فرس أبيه شعارهم يا منصور امت ـ وهو شعار النبي 6 يوم بدر ـ وأسهم للفارس سهمين وللرجل سهما واحد وأخذ لنفسه مثل ذلك. [١١] أرسل هذه الكلمة أرسال المسلمات جماعة من أعلام الاثبات كالامام أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني في المقدمة الرابعة من المقدمات التي ذكرها في أوائل كتابه الملل والنحل ، وأخرجها أبو بكر احمد ابن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة بالاسناد المرفوع إلى رسول الله