نام کتاب : الغدير في الكتاب والسنّة والأدب نویسنده : العلامة الأميني جلد : 1 صفحه : 3
التاريخ
الصحيح
لا يكون انبعاث أية فرقة من الفرق إلى
تدوين التاريخ ، أقل من انبعاث أخواتها إليه ، فكل يتحرى منه غاية ، ويرمي إلى غرض
يخصه ، فإن كان المؤرخ يريد به الحيطة بحوادث الدهر ، والوقوف على أحوال الأجيال
الغابرة ، فالجغرافي يطلبه لتحقيق القسم السياسي به لاختلافه بتغلبات الدول ،
وانعكاف أمم على خطط معينة وانثيال أمم عنها وإن انبعث الخطيب إلى سبر غور التاريخ
لما فيه من عبر وعظات بالغة في تدهور الأحوال ، وفناء الأجيال وهلاك ملوك ،
واستخلاف آخرين ، وما انتاب أقواما من جراء ما اجترحوه من السيئات ، وما فاز به
آخرون بما جاؤا به من صالح الأعمال ، فالديني يبتغيه للوقوف على ما وطد به اسس
المعتقد ، وعلى عليها صروحه وعلاليه ، وإفرازه عما كان حوله من لعب الأهواء وتركاض
أهل المطامع.
وإذا كان الأخلاقي يقصد به التجاريب
الصالحة في ملكات النفوس التي تحلى بالصحيحة منها فرق من الناس فأفلحوا ، وتردى
بالرديئة منها آخرون فخابوا ، فيستنتج من ذلك دستورا عاما للمجتمع ليعمل به متى
راقه أن يأخذ حذرا عن سقوط الفرد أو ملاشاة الجامعة ، فالسياسي يريد به الوقوف على
مناهج الأمم التي تقدم بها الغابرون ، ومساقط الشهوات التي أسفت بمعتنقيها إلى هوة
البوار والضعة فغادرتهم كحديث أمس الدابر ، ويريد به البصيرة فيما سلفت به
التجاريب الصحيحة في المضائق والمآزق الحرجة ، وإفتراع عقبات كأداء ، فيتخذ من ذلك
كله برنامجا صالحا لرقي أمته ، وتقدم بيئته.
والأديب يقتنص شوارد التاريخ ، لأن ما
يتحراه من تنسيق لفظه ، وفخامة معناه ، وما يجب أن يكون في شعره أو نثره من محسنات
الأسلوب ، ومقربات المغزى بإشارة أو استعارة ، منوط بالاطلاع على أحوال الأمم
والوقوف على ما قصدوه من دقائق ورقائق.
وإذا عممنا التاريخ على مثل علم الرجال
والطبقات ، فحاجة الفقيه إليه مسيسة في تصحيح الأسانيد ، وإتقان مدارك الفتاوى ،
وبه يظهر افتقار المحدث إليه في مزيد الوثوق برواياته ، على أن لفن الحديث مواضيع
متداخلة مع التاريخ كما يروى من قصص الأنبياء وتحليل تعاليمهم ، حيث يجب على
المحدث المحاكمة بين ما يتلقاه! و
نام کتاب : الغدير في الكتاب والسنّة والأدب نویسنده : العلامة الأميني جلد : 1 صفحه : 3