فسلمت عليه ، فرد عليَّ السلام ثم قال : يا فتح من أرضى الخالق لم يبال بسخط المخلوق ، ومن أسخط الخالق فقمن أن يسلط الله عليه سخط المخلوق ، وإن الخالق لا يوصف إلا بما وصف به نفسه ، وأنى يوصف الذي تعجز الحواس أن تدركه ، والاَوهام أن تناله ، والخطرات أن تحده ، والاَبصار عن الاِحاطة به ، جل عما وصفه الواصفون ، وتعالى عما ينعته الناعتون ، نأى في قربه ، وقرب في نأيه ، فهو في نأيه قريب ، وفي قربه بعيد ، كيَّف الكيف فلا يقال : كيف؟ وأيَّن الاَين فلا يقال : أين؟ إذ هو منقطع الكيفوفية والاَينونية.
النهي عن الفضولية في معرفة الله تعالى
ـ مستدرك الوسائل ج ١٢ ص ٤٧
محمد بن مسعود العياشي في تفسيره : عن مسعدة بن صدقة ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه 8 : إن رجلاً قال لاَمير المؤمنين 7 : هل تصف ربنا نزداد له حباً وبه معرفة؟ فغضب وخطب الناس ، فقال فيما قال :
عليك يا عبدالله بما دلك عليه القرآن من صفته ، وتقدمك فيه الرسول من معرفته، فائتم به ، واستضيَ بنور هدايته ، فإنما هي نعمة وحكمة أوتيتها ، فخذ ما أوتيت وكن من الشاكرين ، وما كلفك الشيطان علمه مما ليس عليك في الكتاب فرضه ، ولا في سنة الرسول وأئمة الهدى أثره ، فكل علمه إلى الله ، ولا تقدر عظمة الله عليه قدر عقلك ، فتكون من الهالكين ، وأعلم يا عبدالله أن الراسخين في العلم ، هم الذين أغناهم الله عن الاِقتحام على السدد المضروبة دون الغيوب ، إقراراً بجهل ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب ، فقالوا : آمنا به كل من عند ربنا ، وقد مدح الله اعترافهم بالعجز عن تناول ما لم يحيطوا به علماً ، وسمى تركهم التعمق فيما لم يكلفهم البحث عن كنهه رسوخاً.