هكذا هي الام فهي شمعة مقدسة تضيء ليل
الحياة بتواضع ورقة وفائدة ، فهي التي تصنع الحياة وهي الكنز الحقيقي الذي لا
اضمحلال له ، وكما قيل : مدرستي الأُولى على صدر امي ، وإني مدين بكل ما وصلت إليه
وما أرجوا أن أصل إليه من الرفعة إلى أُمي الملاك فالأم التي تهز السرير بيمينها
تهز العالم بيسارها ، وهكذا كانت الزهراء الاُم المثالية التي تربى في حجرها
الحسين عليهالسلام وغذته
بالاخلاق الحميدة والخصال الرفيعة وإلى ذلك يقول العلائلي في كتابه الإمام الحسين
ص ٢٨٩ : « والذي انتهى إلينا من مجموعة أخبار الحسين ان اُمه عنيت ببث المثل
الإسلامية الإعتقادية لتشييع في نفسه فكره الفضيلة على أتم معانيها ، وأصح أوضاعها
ولا بِدعَ فأن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
أشرف على توجيهه أيضاً في هذا الدور الذي يشعر الطفل فيه بالإستقلال ، فالسيدة
فاطمة نمت في نفسها فكرة الخير ، والحب المطلق والواجب ومددت في جوانحه وخوالجه
افكار الفضائل العليا بأن وجهت المبادئ الأدبية في طبيعته الوليدة ، من أن تكون هي
نقطة دائرتها إلى الله الذي هو فكرة يشترك فيها الجميع ، وبذلك يكون الطفل قد رسم
بنفسه دائرة محدودة قصيرة حين أدار هذه المبادئ الأدبية على شخص والدته وقصرها عليها
وما تجاوز بها إلى سواها من الكوائن ، ورسمت له والدته دائرة غير متناهية حين جعلت
فكرة الله نقطة الارتكاز ، ثم أدارت المبادئ الأدبية والفضائل عليها فاتسعت نفسه
لتشمل وتستغرق العالم بعواطفها المهذبة ، وتأخذه بالمثل الأعلى للخير والجمال ... »
لقد نشأ الحسين في تلك الأسرة الطبيعية الأعراف الطاهرة من الأدناس وفي حجر سيدة
نساء العالمين من الأولين والآخرين ، وقد صار بهذه التربية المثل الأعلى للأجيال
حيث رسم الشهادة في جبين الإسلام كتضحية من أجل الأهداف التربوية التي تغذاها من
حجر امه ومن ضمير جده ورعاية أبيه المرتضى ، أجل إنّه الحسين الكبير ذلك الفذ من
الأفذاذ الذي علموا البشرية وعلموا الأجيال كل طرق الخير والصلاح لا خير في أن
يقول غاندي محرر الهند « تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوما فانتصر ».